أقلام حرة

عصفور إبراهيم .. بين الرواية والواقع

nabil ahmadalamirإن الواجب الإنساني والوطني والشرعي يُحتم أن نكون على قدر المسؤولية المُلقاة علينا، نحن أصحاب الأقلام المستقلّة، فاليوم يمر الوطن بمحنة كبيرة تَعصف به ليتلاطم بين جدران المؤامرة والوجود، فمنهم من ركب الموجة لأسباب لايعلمها إلّا هو، ومنهم من وقف بوجه هذا الإعصار ثباتاً على مبادئ هو مؤمن بها .

وهنا وددت أن اُسجّل بقلمي قصة عصفور نبي الله إبراهيم (عليه السلام) التي لا أظن أن الكثيرين قد سمعوها، والتي يمكن أن يكون أثرها وقيمتها الروحية أكبر وأكثر تأثيراً من قيمتها الأدبية .

عندما غضب قوم نبي الله إبراهيم عليه لتسفيهه آلهتهم ونكرانه موالاتهم في عباداتهم، قاموا بإشعال نار عظيمة وصفها رب العزّة في كتابه ليُعاقبوه على جحوده وإيمانه بربه الواحد الأحد كما وصفوه، ورموه فيها ليكون عبرة لكل من يمكن ان يعتبر .

وكل مامضى من القصة معروف للجميع، لكن أثناء والنار مشتعلة بإبراهيم (عليه السلام)، كان هناك عصفور صغير هَلَعَ لروع المنظر، فأخذته العزّة أن يُحرق نبي الله أمامه وهو ساكن في عشّه لايفعل شيئ، فطار لنهرٍ قريب وملئ فمه بالماء ورشّ النار بماء فمه محاولاً إطفاء هذه النار .

وفي الطريق قابله جبرائيل المُكلف من رب العزّة بحماية النبي وسأله، ماذا تفعل أيها العصفور ؟؟

فأجابه اُطفئ النار التي تحرق نبي الله إبراهيم .

فسأله من جديد، وهل تعتقد أن قطرات الماء التي تحملها بفمك كافية لإطفاء مثل هذه النار العظيمة ؟؟

فأجابه قطعاً كلّا . . . لكن واجبي الإنساني والأخلاقي والشرعي يدفعني لوجوب المشاركة ولو بهذه القطرات القليلة في محاولة إطفاء النار، لأن عدم مشاركتي وغيري في إطفائها يعني إستسلامنا وقبولنا بواقعة موت نبي الله إبراهيم، لذلك وجب على الجميع المشاركة في إطفاء النار وكل حسب مقدرته وإمكاناته، وأن لا تكون صغر الإمكانات حائل دون المشاركة .

وهنا إنتهت القصة .

وأظن أن جميع من قرأها قد فهم مااُريد أن أصل اليه من خلال هذه القصة .

فعلينا جميعاً أن نُشارك في إطفاء نار الفتنة التي تعصف بالوطن اليوم، وكل حسب إختصاصه ورؤيته ونهجه، وأن لا يمنعنا منها صغر او قلّة إمكاناتنا، لأن المشاركة واجب إنساني وأخلاقي وشرعي على الجميع .

والله من وراء القصد .

 

 د. نبيل أحمد الأمير التميمي

 

في المثقف اليوم