أقلام حرة

هناك البعث يقف ضد الكورد في العراق الان

emad aliلا نريد تقييم ما مر به الكورد من المرحلة العاتمة على يد البعث العربي طوال تاريخ الدكتاتورية . ولم يكن البعث حزبا خاصا بفكر معين عند تعامله مع الكورد، بل كانت قراراته وتعامله مع الموجود في العراق من المكونات وفق مزاجات قيادته او نابعا من توجهات المتنفذين في المراحل المختلفة لتاريخه منذ انقلاب البعث على السلطة سنة 1968 م وقبله ايضا .

لم يبن البعث علاقاته في اكثر الاحيان على اسس فكرية ايديولوجية ولم يتحرك الا على التعصب القومي من اجل كسب القوميين وادامة تسلطه وفق ما كان يفكر به، من ايجاد عدو دائم يسهل التسلط الدائم رغم الاجحاف والغدر بحق الشعب . فهكذا كان البعث دوما يصر على نصب الكمين للكورد في كل مرحلة ويداهمهم بكل ما يمكنه سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا . ويكسب بما يعمل عطف المعادين ويزيد من حقنهم وغيضهم لهم . وكان يبني حججه على الاوهام تارة وعلى الصراع العسكري الذي قتل من خلاله كثيرا من ابناء الطرفين تارة اخرى . وكان اهم ما يمثله البعث هو الفكر والفلسفة القومية وان ادعى الاشتراكية جورا وبهتانا . فكان حكم الشخص والحزب القائد بمزاج القائد ونظرته الى المواضيع والقضايا وموقفه وموقعه وظروفه الداخلية والخارجية، واتجه احيانا الى التفاوض مع الكورد في ظروف كان ضعيفا، واراد به الخروج من الازمات او تمرير المشاكل التي وقع به او التماطل وانقضاء الوقت لتمرير المرحلة الصعبة التي وقع فيه .

اما اليوم فلم يبق من حزب البعث في السلطة مباشرة الا من ينتمون الى تنظيمات واحزاب اخرى مشاركة او في المعارضة لسلطة العراق الحالي، وفي المقابل لم يبق من حزب الدعوة الاصالة التي كان مبنيا عليها من قبل مؤسسه السيد الصدر وتغير جذريا بعد ان اُلحقت به ضربات موجعة غيّرت من تركيبتها وكينونتها، ولم يسير الا على الصراع السياسي مبعدا عن نفسه المباديء التي تاسس عليها وناضل من اجل تحقيق الشعارات الجميلة في بدايات نضاله على ارض الواقع . اما اليوم فانه لم يبق منه الا المتسلطين المصلحيين البعيدين عن اهدافه واصالته والاسس التي بني عليه، وله قائد لا يختلف كثيرا عن قائد البعث في نظرته الى الحزب والسياسة والتعامل مع الاخر بناءا على عداء الاخر لكسب التايد والتصويت بعد اعتلائه السلطة ونزوله مخذولا بقوة وابعاده قسرا، فلم يركب الحزب الا بعد حيلة سياسية حزبية بعيدة عن المبادي السامية التي حملها الحزب في بداياته، فبمراوغة وابعاد لرفيق الدرب، كما فعل الدكتاتور العراقي من اعدام وقتل اقرب اصدقائه المنافسين وابعاده لاحمد حسن البكر وتوجيه اشر الضربات اليهم، ولكن المالكي اكتفى بالاعباد بحيله ودهائه السياسي ومراوغاته واستغلاله للسلطة على راس الحكومة العراقية من اجل اعتلاءه في الحزب ايضا .

اليوم يريد ان يعادي الكورد ليعيد تاريخ البعث، ويريد ان يبعد عن الناس الصراع الاساسي من اجل مصالحهم والفاتهم الى قضايا لم يستفد منها الشعب العراقي الا الويل والثبور، ويوجههم الى الصراع الثانوي المضر بالمكونات التي عانت من ظلم الدكتاتورية، ويريد من اجل مصالح ضيقة ان يؤدي دور البعث بالتمام والكمال . فان كان البعث يؤدي دوره بناءا على ادعاءات ايديولوجية وافكار متطرفة لم تكن نابعة من الفلسفات والمنابع الحقيقية الصحيحة التي ادعاه ولصقه بالفكر باسم الاشتراكية، فان حزب الدعوة الحاني الآني العمل والتوجه او الذي يديرها المالكي بما يحمل من الافكار والطموح والطمع والنرجسية التي لا تختلف عن الدكتاتور العراقي صدام، يريد ان يعيد الدور ذاته بمعاداته الكورد وكسب مجموعة منهم وبث الفتنة بينهم ومعاداتهم بكل ما يمكن ومن ثم كسب الشارع العربي باسم الدين والمذهب ومن خلال لاصراع القومي .

اليوم من خلال مشروع الموازنة بيّن حزب الدعوة مدى معاداته وسياسته الضيقة، وهو يعلم بالضيق الذي يعيشه الشعب الكوردي، سواء كان جراء اخطاء وسذاجة ودكتاتورية قيادته او نتيجة التحزب الاعمى التي اصاب عيونهم وانحرفوا عن المسار وبه اضروا الشعب والطبقة الكادحة لوحدها، ياتي حزب المالكي ويريد ان يزيد الغمة ويكثرها على الشعب الكوردي ويهدف بما يعمل عليه؛ ان يفرق بين مكونات الشعب العراقي من جهة، ويزيد من خلافات بين مكونات الشعب الكوردي من جهة ثانية، ويامل في بث الفرقة واحداث لا تضر منها الا الشعب الكوردي لوحده فقط . ان المالكي وحزبه اصبحوا في طليعة من يعادون الكورد قبل غيره للاسباب الضيقة التي تخص حزبه والمالكي وحده وليس الشعب العراقي، فيما هو يحمل ذحولا لنفسه ويريد الثار من الشعب الكوردي بديلا عن قياداته التي امتنعت عن بقائه على السلطة فقط . وليس هناك اية مصلحة تدخل في خانة ما يهم هو وحزبه، وسيتضرر في نهاية الامر ويعض اصبع الندم لانه يتعامل مع الاحداث والمواضيع من زاوية مصلحة حزبية شخصية ضيقة فقط كما فعل الدكتاتور الطاغي والبعث .

اننا هنا وان كنا نعلم بان الازمة الاقتصادية الخانقة التي وقع فيها اقليم كوردستان، هو من فعل ايدي قيادته الغشيمة الجشعة الدكتاتورية السلوك والصفات والعشائرية العقل والسلوك والتصرف، ولكن هذا لا يعني ان يكون هناك من يريد ان يزيد من المازق الذي لا يقع الا على حساب الشعب الكوردي والفقراء منه فقط . لذا وان كنا لا نحترم القيادة الكوردية المتسلطة التي تابعت اهوائها وغشامتها وسذاجتها وتبعيتها لهذا وذاك، ولكن ما يهمنا هو مصلة الشعب الكوردي وطبقته الكادحة التي تعاني من الازمة الاقتصادية الخانقةـ،و قيادته بعيدة عن تلك المضايقات لما لهم من المصالح والامكانيات خارج اطار السلطة وامكانياته الاقتصادية، لا بل هم من استغلوا واستاثروا بالسلطة لتقوية نفوذهم وامكانياتهم الاقتصادية الذاتية على حساب الشعب الكوردي . وهذا لا يعني ان يرضى الشعب الكوردي بمن هو السبب ايضا في ازدياد محنته ويدعمه على ان يستمر في عدائه له . انه البعث الجديد بكل معنى الكلمة من حيث ما وصل اليه من تغير الحزب وابتعاده عن اصالته وتغيير مساره وعدم اعتماده على المبادي التي تاسس على اساسها، وتسلط عليه من اعتلى السلطة من خلال تقوية الذات وابعاد حتى القريبين عنه بحيل سياسية سمجة يستغل المذهب زورا ويريد ان يستغل القومية ليعادي الاخر، كما فعل في داخل حزبه .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم