أقلام حرة

انه حمير من مسلاخ انسان

emad aliليس لنا ان نصل الى هذه الدرجة من التقييم السفلي لاي شخص مهما راينا من العجائب التي تفرض علينا ان ننظر الى الجريمة بتجرد بعيدا عن العاطفة، كما نؤمن بالقانون وسيادته، الا اذا وصلت انسانيته للحد فرضت علينا ايماننا بما نقول وباقتناعنا الكامل عما نعتقد ونقيمهم عليه . ولم اصف احدا مهما كان سلوكه من قبل بهذا النعت، الا ان من قتل وشرد وسفك دمائا وخرب الدار والديار وعبث بكل شيء وانتهك حرمات الناس ومقدساتهم ولم يبال بما هو الكرامة والعفة والشرف، وما تضمنه عادات وتقاليد الشعب المظلموم . وهو يفعل كل هذا من اجل شخصه وطموحاته بنسبة كبيرة ولنظامه وبلاده الظالم بنسبة اقل، ومن ثم يستخدم كل السبل في ابادة الاخر وانقراضه لاسباب وعوامل ذاتية به وبسياساته، بما يمكن ان نصفه بابخس السمات .

ان كان يؤمن بالحجر ويدعي غيره، ان كان يسير على هواه وطموحاته ويعلن غيرهه، وان كان يهدم ويخبر ويقتل نفسا بشرية ويدعي غيره، ليس الا ان يكون خارج فكر وعقل وكينونة البشرية والانسان، وان كان يعرّف نفسه وفكره وعقيدته ومنهجه بافضل ما اوتي من الصفات ويسلك عكس ادعائته، فليس لنا ان نصفه بالمضلل فقط، بل وصل حد الجريمة بما يؤمن فانه قاتل مجرم قبل ان يكون حميرا في جلد الانسان ومسلاخه .

ربما لو اعدنا النظر في التاريخ نجد من امثاله سواء منهم اكثر وحشية او اقل منه، وان كان بعض منهم مخفيين عن الانظار، اي لم يعط التاريخ حقهم من ذكرهم لاعمالهم المشينة وبيان ما اقدموا عليه والاعتبار منها، الا ان اكثريتهم موجودين في تاريخ الانسانية شرقا وغربا، لمن يمحص ويتمعن في المراحل الصعبة التي مرت بها شعوب العالم هناو هناك في بقع غدرت بالشعوب اكثر من اخرى . اليس هتلر وفرانكو وصدام وهناك في تاريخ الاسلام من خالد ابن الوليد وسعد بن اي وقاص وحجاج بن يوسف الثقفي والالاف منهم، نماذج حية من الدكتاتورية الغاشمة القاتلة المريضة غير الابهة بمصير الانسان وما يهمه . نعم انهم فعلوا ما يمكن ان يكونوا في خانة المجرمين الكبار. ولكن يجب قول الحقيقة ايضا بان بعضهم لم يفعلها لطموحات وامنيات شخصية بحتة، بل فعلها لايمانه بما يحمل من الاعتقادات والافكار والنظرة الى الحياة وما يحمل من الايمان بفكر وفلسفة ما، ولم يستفد من افعاله من الناحية الشخصية كثيرا الا انه لم يصل ان يُقال له يناله الويل والثبور على فعلتهم، ولكن كانت نهاياتهم معلومة وكيف دفنوا وبعضهم قتلوا بما يستحقه .

انهم كانوا يعيشون في زمن اعتمدت الصراعات الانسانية سواء شخصية او دولية على القوة، فمن كانت له قوة عسكرية وعقل عسكري استند عليها في تحديد مساره وسياساته وتوجهاته وتعامله مع الصراعات التي وقع فيها، او كان بعضهم يعتبرها نضالات فكرية فلسفية عقيدية منهجية يؤمن بهاو ليس افتوحات الاسلامية وما برز منها من المجرمين الذين قتلوا المئات الالاف بحد السيف الا منهم.

اي الظروف الموضوعية والذاتية للقائد والمرحلة التي عاش فيها، كان الدافع الاول فيما فعلته ايديه او اوامره على الاصح، اي لم يكن هناك اي اعتبار للانسان كانسان والانسانية كعقلية، بل في اكثر ما حدث كان الواقع والمرحلة تفرض على ان يتعاملوا مع الانسان كالة حربية مجردة ليس الا . اي لم تتطور العقلية الانسانية واحترام احدث كائن الى الحد الذي وصلت اليه العقلية الانسانية الانية، وسخرت العلوم والفنون جميعها لصالح الحروب والصراعات والقتل وليس الى الانسان وتقدمه وفي خدمته الا قليلا .

نعم في هذا الوقت الذي يتمتع الانسان من حيث المرحلة والعقلية والنظرة العميقة اليه، ليس الا من باب الفخر والاعتازاز باهم وافضل كائن وما في الكون، فلابد من خدمته والدفع به نحو الامام من كافة نواحي حياته .

في هذه المرحلة وبهذه المميزات والصفات التي نعيش فيها، نجد من يتصرف بسلوك العهود الغابرة من اجل طموحات ذاتية شخصية قبل ان يهمه امر ما يدعيه من بلاده . وان كان يحمل افكارا وعقائد مر عليها الزمن ونفدت مدة صلاحياته، وفق كل المتغيرات التي يعيش فيها هو قبل غيره، فانه يتصرف كما يعتقد انه يعيش في العصور التي انبثقت منه المجرمون والدكتاتوريون ومصاصو الدماء . ان ابعدنا ما يحدث في المنطقة من تدخلات الكبار من تقيمنا ومن ايدي انظمة ومنهاج وسياسات دولية وليس شخصية، فانه يمكن ان نصف اردوغان وسلوكه الهمجي وما يفعله باسم الديموقراطية ليس الا من افعال الاسبقين من امثاله المجرمين . انه حقا حمير في مسلاخ انسان بكل معنى الكلمة .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم