أقلام حرة

العام البشير!!

النفس العراقية المحتفية بطلائع العام الجديد، تنطق ببشائر المحبة والأخوة الوطنية والألفة الإنسانية، وتكتب بصراحة ووضوح مُعاصر شهادة وفاة النزعات السلبية، كالطائفية والمذهبية والتحزبية والفئوية، وتوقع شهادة ميلادة الوطنية الجديدة المسترشدة بالقيم الديمقراطية الواعية، ذات المرتكزات التفاعلية الجامعة المساهمة في بناء الوطن الواحد السعيد.

فما شهدته بغداد من إحتفاليات رائعة بمناسبة حلول عام ألفين وستة عشر، يمثل تعبيرا إنسانيا صادقا، وواعيا عن معاني التطلعات الإيجابية المحتبسة في الصدور، والباحثة عن منافذ للحضور وتأسيس الأرضية الصالحة لحياة حرة كريمة، ذات قيمة حضارية تليق بمسيرة وثراء العقل العراقي، وسعة قلبه ونقاء نفسه وطيبة روحه، وتشوقها للتواصل الإنساني الحميمي الصديق.

إن إنطلاق الجماهير بهذه الروحية المتفائلة المبتهجة المتوثبة الواعدة، لدليل على أصالة الذات العراقية، وقدراتها الإصرارية، وإرادتها المتطاوعة الواعدة بالخيرات والإنجازات المتميزة، وقوة إثبات على أن إرادة الحياة الحرة الكريمة تنتصر وتتحقق رغم الداء والأعداء.

فهذه الإحتفالية الخلاقة المذهلة الصاخبة المدوية المشعشعة بأنوارها الملونة، التي رسمت لوحة الأضواء المتنوعة، تقدم رسالة واضحة للعالم بأن العراقيين أخوة وأحبة، وبناء مرصوص ونسيج إجتماعي متماسك متين، ومهما يحصل فيه من تشققات وتهدلات وترهلات، فأنه يعيد صياغة نفسه وسباكة وجوده، بآليات وقدرات تجعله أقوى وأعظم وأجمل.

العراقي الذي لا يمكن أن تفصله عن العراق أي المسميات والتوصيفات، لأنها ثانوية جدا ولا قيمة لها إذا إنتفى العراق، والعراقي يدرك ذلك بقلبه وروحه وعقله، ويعرف جوهر قيمته ومعناه مستمدة من الوطن العراق الذي لا يمكن فصله عنه، فإن غادره يحمله معه فيعيش العراق فيه، وعلى أرضه يكون فيه، فالعلاقة ما بين العراقي والعراق ذات خواصٍ ومعانٍ ومنطلقات موروثة جينية غائرة في أعماق نويات خلاياه.

فالعراقي سعيد عندما يكون العراق سعيدا، وأينما حل أو رحل فأن ما يجري في بلاده يؤثر فيه ، ويرسم معالم طبعه ومشاعره ويسكن بنفسه وقلبه، فالعراق روح العراقيين، المتوطن في لا وعيهم أجمعين، ومهما كانوا ويكونون يجمعهم العراق وتحكمهم العراقية وهم لا يشعرون.

تحية للعراق الباهي الشامخ السامق المعاني والقدرات، والمتحدي الأزلي لأعاصير الصولات، والصامد أمام أعظم الغارات، والذي إنهزمت على ترابه أعتى القدرات، وإنه ليبقى واحدا موحدا زاهيا مبتهجا، ولن تكسر ظهره النازلات، ولن تنحني قامته والإنسان فيه حفيد صنّاع الحضارات.

تحية للعراق الواعد، والعراقي الرائد، الأبي الصامد الصاعد، ولترابه المعطاء وكيانه الخالد، فتلك إرادة الأرض التي تأبى أن يَمسّ فؤادَها أي حاقد!!

وعاش العراق الواحد الواحد!!

 

د-صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم