أقلام حرة

اعترف اردوغان بلسانه

emad aliمَن منا لم يتذكر قبل سنين في منتدى دافوس والحركة البهلوانية التي نفذها اردوغان امام بيريز واتخذ موقفا تمثيليا مضحكا على الهواء، في رفضه للجلوس مع بيريز لانه اصبح عدوه بعدما جرى ما جرى في تلك الايام في فلسطين وكانه صاحب القضية ولا غيره، الجميع كان على دراية انه يريد بما يقوم تحقيق هدف استراتيجي لاقترابه من المسلمين والمنطقة من هذه النافذة، والا لم يتعامل يوما مع الفلسطينيين كما يدعي ويامر به اسلامه . ونتذكر جيدا تركه للمسرح بحركية مسرحية باهرة الدقة سياسيا، وكانه لن يعود لمصافحته مهما بلغ من الامر من فرض مصلحة بلده. وصدقه الكثيرون من العرب سواء ضعفا منهم او احتياجهم لقائد يقف ضد اسرائيل ويناصرهم وينتصر لهم حقوقهم كما يدعون. واعتقدوا بانه لا يمكن ان ان يفعله الا شخص اسلامي كاردوغان وبقوته وثقله وايمانه بالقضية الفلسطينية، لانهم ياسوا من العرب وقادتهم و خلافاتهم وتناقضاتهم وخنوعهم . اصبح اردوغان محط احترام جميع العرب شعبا محبا للقضية الفلسطينية، واصبح قائد الامة العربية محرر القدس وصلاح الايوبي الثاني في نظرهم . كما هو حال كل محتاج وغريق بتشبث بقشة، فانهم وجدوا في اردوغان منقذهم من الواقع المرير الذي يعيشونه . هكذا استفاد اردوغان من موقفه التمثيلي المخطط له مسبقا داخليا ايضا كما ارتفعت شعبيته وحزبه الذي ينظرون الى القدس كثاني القبلتين والشعب الفلسطيني المغدور الاول في نظر المسلمين ايمانا وجدانا .

اليوم وبعد ان استفاد اردوغان بتلك الحركات لسنين واستغل عاطفة الموالين والامة الاسلامية، ومن ثم اراد ان يزيد من رصيده في ارسال سفن لكسر الحصار على غزة، والرد السريع الذي لقاه من اسرائيل الذي اهانه وبلده، لم يجد من مخرج في احراجه ووقوعه في زاوية خطرة بعد مغامرته الفاشلة في اعادة النظر من مواقفه السابقة باسقاط الطائرة الروسية، لم يجد منفذا غير اسرائيل من العودة الى حضنها في سبيل تقوية الذات وهو يصرح باعلى صوته بانه يحتاج الى اسرائيل كما تجتاج اسرائيل الى تركيا . فهل يفكر من يتابع سياسات اردوغان وتوجهاته ويصدقه في خطواته ام اصبح يفقد المصداقية حتى من الموالين له ولحزبه، ولكنه يستمر في الفات نظر الناس من موقفه وما يصر عليه من حرب ابادة داخلية ضد الكورد في كوردستان الشمالية غير مسبوقة منذ ان اعلن كذبا وافترائا في نيته حل القضية الكوردية بعملية سلمية ، واستفاد كثيرا من هذا الموقف ايضا كما كان يستفاد من موقفه الاسلامي من فلسطين تكتيكيا ونظريا دون اية خطوة عملية يفديهم بها الا احتضانه لقادة حركة الحماس، وهذا لم يزد من محنة الفلسطينيين الا قوة وعمقا .

اننا اليوم نسمع ونكشف ما يسير عليه اردوغان من التضليل باسم الفكر والفلسفة الاسلامية، وهو لا يهمه الا الايديولوجيا ومصلحته الشخصية الحزبية بعيدا عن اية عقلية انسانية لما تفيد الفلسطينيين، ولا يمكن ان تصدقه الناس فيما بعد، مهما ادعى التزامه الديني وهو يسير علىماهو المبني على التحزب السياسي، ولم يمت ما يعمله اية صلة باحقاق الحق الذي لم يفرضه الا اصحابه بعيدا عن المعادلات السياسية الدولية وككما يفعله اردوغان من استغلاله هذه القضية لامور كثيرة .

وهكذا ما ينظره الى القضية الكوردية، فيجب ان يعلم من يخضع له سذاجة او مصلحة من القوى والاجزاب السياسية في كوردستان الجنوبية والشرقية، فلابد ان يتعضوا من مواقفه من القضية الفلسطينة ليصدقوه فيما يقوله عن قضيتهم ، فهو ان كان يرمي بكل ما يهم الشعب الفلسطيني المبني على اسلاميته ومن مصلحته وحزبه ودولته، وهو يدعي بانه من اولى اولوياته فكيف بالقضية الكوردية التي ليس له فيها الا الوقوف ضدها من اجل تحقيق ما يريد، ويتعامل معها باكثر رعونة وتضليلا ان كان يعلمه او لم يعلمه من يتعامل معه، لان القضية لا تمت بما يؤمن من قريب او بعيد . فلنا من ما يدعيه وقفة مستقبلا بالارقام والاحداثيات والمواقف المتضادة مع البعض في الوقت ذاته .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم