أقلام حرة

إنتصارنا النهائي ليس بعودة الموصل إلى حضن الوطن

في كلمته بمناسبة الذكرة الخامسة والتسعين لتأسيس الجيش العراقي قال السيد رئيس الوزراء "حيدر العبادي" إن هذا العام سيكون عام تحقيق الإنتصار النهائي وعودة الموصل لحضن الوطن"، فهل بعودة الموصل وغيرها من المدن والبلدات والأراضي المحتلّة الى السيادة الوطنية سيكون إنتصارنا النهائي.

إن تحرير الأراضي والمدن العراقية من سطوة داعش ليست سوى مسألة وقت ليس الا خصوصا بعد التدخل الروسي في سوريا وقلب المعادلة السياسية والعسكرية من جهة لصالح النظام الى حد بعيد، ووصول الأرهاب الداعشي وأمثاله الى عقر دار الدول التي لعبت دورا مباشرا مستفيدة من الشدّ الطائفي في تأجيج الصراعات بمنطقة الشرق الاوسط كفرنسا على سبيل المثال والتي تدخلت هي الاخرى بشكل مباشر عبر طيرانها وبالتنسيق مع روسيا من جهة أخرى، إضافة الى زحف مئات الآلاف من اللاجئين صوب أوربا طلبا للجوء فيها وتأثير هؤلاء في زيادة شعبية اليمين واليمين المتطرف على حساب الأحزاب التقليدية الحاكمة. فهذه العوامل وغيرها حسمت أمر القضاء على داعش عسكريا ويبقى القضاء عليها فكريا وهذا يحتاج الى وقت طويل وبرامج تعليمية وتربوية وثقافية قد تأخذ عقودا من الزمن.  

لا أظن أن السيد العبادي قد أصاب في كلمته هذه وهو يتحدث عن "الأنتصار النهائي" كون الأنتصار النهائي ليس بالعسكري فقط بل هو بحاجة الى أنتصار الدولة بمؤسساتها المختلفة على كل أشكال الفساد الذي لايقل وحشية عن الأرهاب وداعش، أننا بحاجة الى أنتصار الارادة الوطنية وليس الطائفية من أجل بناء وطن آمن مستقل يحترم فيه الأنسان العراقي بغضّ النظر عن أنتماءه الديني والطائفي والقومي، أننا بحاجة الى دولة لادور فيها للميليشيات التي سيكون خطرها وتأثيرها كبيرين جدا وأمراءها يبحثون عن مساحة أوسع ودور أكبرعلى مسرح "السياسة" العراقية المتهالك.

إن تجربة 13 عاما من الحكومات الطائفية أثبتت أن أقطاب السلطة ومنها حزب الدعوة الحاكم الذي يقود البلاد منذ عشر سنوات غير قادرين على بناء دولة بل العكس هو الصحيح، فهذه القوى وعلى مختلف تلاوينها الطائفية والقومية ساهمت مساهمة مباشرة في أنهيار الدولة وتهديد وجودها، وعليه فأن أي حديث عن أي أنتصار وأستمرار نفس القوى بالهيمنة على مقدّرات البلد ليس سوى أضغاث أحلام.

على السيد العبادي أن يعرف جيدا من أنه وكامل الطاقم السياسي الفاسد الذي يقود ما تبقى من بلد وشعب غير مؤهلين لتحقيق أي إنتصار ولا يسعون لتحقيق أي إنتصار، لأن الإنتصار هذا إن تحقق فأنه يعني هزيمة الفكر الطائفي وأحزابه وأنحسار دورهم عن المشهد السياسي، فهل العبادي وحزبه الحاكم وبقية القوى المتحاصصة تريد أنتصار العراق وشعبه!؟

هناك أمر واحد يحقق أنتصار العراق أيها السيد العبادي، وهذا الامر لاتمتلكه ولاحزبك ولا كل القوى المتحاصصة التي أوصلت بلدنا الى شفير الهاوية، وهو الوطنية التي جعلتموها على رفّ مهمل يأكله الغبار في خضرائكم المحصّنة أو أنكم قد بعتموها الى أي سمسار وهذا هو الأرجح. لذا فأن أنتصارنا النهائي لايكون بعودة الموصل وغيرها الى الوطن بل بأنتصارنا عليكم نحن الجماهير التي عانت وتعاني من فسادكم وسرقاتكم ونهبكم للمال العام وميليشياتكم .

قيل للأمام علي: صف لنا العاقل. فقال: هو الذّي يضع الأشياء مواضعها. فقيل: فصف لنا الجاهل: فقال: قد فعلت. ولو كان الامام علي حاضرا اليوم وسألناه عن الوطنية لأسهب في شرحها أو أختصرها بعدم الفساد والسرقة والقتل وبيع الوطن، ولو سألناه عن خيانة الوطن لأشار اليكم جميعا ايها السيد العبادي قائلا : فعلت.

السيد العبادي أن أنتصارنا النهائي سيكون بعودة الوطنية الى حضن الوطن وهذا ما لا تملكوه لا أنت ولا بقية المتحاصصين.

 

زكي رضا - الدنمارك

في المثقف اليوم