أقلام حرة

هل روسيا ارادت النصر السريع في سوريا؟

emad aliيتكلم الكثير من المحللون عن مجيء روسيا الى سوريا وما اعلنته في بداية تدخلها القوي من الناحية العسكرية والسياسية، معتمدين على تصريحات الروس وتوقعاتهم العلنية، غير مبالين بما هو الواقع والاسباب والدوافع ما فرضته عليهم ذلك الكلام ومن العوامل التي فرضت نفسها في خضم التحركات السريعة؛ وما تفاجئت بها دول مهتمة بسوريا او تعتبرها من مصالحها الاستراتيجية المصيرية لمستقبلها، وهي الحال التي فرضت عليهم الامر كي يطلقوا علنا عن نياتهم في تلك التوجهات وان كانت غير حقيقية، وجاء ذلك قبل اي شيء لخفض الضغوطات السياسية بداية، وما تفاجا به الكثيرون، ولم يعجبهم هذه القفزة السياسية العسكرية في المنطقة . وما اعلنته الجهات السياسية الروسية من تحديد الزمن المطلوب للنصر النهائي لم يكن صادرا من النوايا الحقيقية التي جاءت بها روسيا ولم نسمع من السياسيين التنفيذيين عن مثل هذا الكلام الا بعض من السلطة التشريعية فقط من اعضاء مجلس الدوما . اما العسكريون والسلطة التنفيذية لم يحددوا الزمن بشكل واضح بل لمحوا الى ان العملية لن تستغرق كثيرا من الزمن وسوف يحققون ما جائوا لاجله . وهكذا كان، لقد اثبتوا جدارتهم وغيروا من المعادلة والواقع العسكري السياسي وغيروا مسار توجهات الكثير من الاطراف التي كانوا يعتقدون بانهم يسيطرون على الحال في اي تغيير منتظر . ومن مثل هذه العمليات الكبيرة والتي تدخل ضمن الشؤون الدولية ان تلقت ردود فعل مختلفة يُفضل ان تكون ردود واجابات لتهدئة الامور وليس التصعيد، وحصل هذا ومرت العملية بسلام دون اعتراض كبير، على الرغم من الاستناد على طلب سوريا لما اقدمت عليه روسيا، وهذا وان كان قانونيا الا ان الوضع في سوريا لم يكن طبيعي كي لا يجد مثل هذا التدخل المؤثر على ردود فعل سلبية من قبل الجهات الكبيرة في المنطقة والعالم . وعليه تصرفت روسيا بعقلانية وفرضت ما ارادت وهي الان اكثر قوة وامكانية وثقلا ولها الكلمة الاولى في شؤن المنطقة وليس سوريا فقط . الصمت المطبق الذي فرض نفسه خلال هذه المدة جاء بعد تقدم روسيا كثيرا، وزادت من المساحة المطلوبة على الارض وفي العمليات العسكرية ومن الناحية السياسية لصالحها لتلعب بحرية، وطردت اطراف من الساحة كتركيا بشكل مناسب وهو امر عظيم لنهاية المعادلات . وبدلا من ان تتحضر تركيا للتدخل والسيطرة على الموقف في سوريا حال سقوط الاسد وهكذا نوت، خرجت والان هي في موقف الدفاع وتبني جدارا على حدودها، وما هددت به في حال تحركات الكورد لم تستطع ان تنبس ببنت شفة عند تحركهم وفي الاتجاه الذي اعلنته تركيا بالذات وعبروا الفرات ولم تتحرك تركيا خطوة باتجاههم خوفا من روسيا قبل اي طرف اخر، اليس هذا امر ايجابي .

يدعي البعض ان روسيا قد وقعت في المستنقع غير محللين ما جاءت اصلا من اجله، ولم يسالون انفسهم هل نجحت فيما هدفت ام لم تغير الحال، انها اصبحت الطرف الرئيسي في ما يحدث في سوريا وهذا ما فرض تغيير توجهات الجهات الاخرى سواء في المنطقة او العالم في مخططاتهم، واجبرت الدول الكبرى ومنها امريكا على التحرك مسرعا نحو روسيا ونسقت معها بعدما لم تبال بما يخصها من قريب اوبعيد من قبل .

من جانب اخر، بعدما ضعف موقف المحور الروسي الايراني في نهاية الامر بشكل واضح، جاءت روسيا واعادت ميزان القوى ولم تدع ما يجري ان تكون نهايته لصالح دول متحفظة رجعية لم تهتم الا بمصلحتها الخاصة على حساب الانسانية ومستقبل المنطقة كالسعودية ودول الخيج الاخرى مع تركيا بالذات .

و من جانبها اجبرت روسيا العالم على الاعتراف بانها عادت قوة دولية لا يمكن الاستهانة بها مهما ادعت امريكا غير ذلك الا ان الزيارات المكوكية لكيري الى روسيا بعد مجيء روسيا القوي الى المنطقة تدل على صحة هذا الادعاء من قبل اي متابع لما افدته روسيا في مجيئها، ويفيد هذا في وضع حد بتمادي امريكا وغرورها في اعتقادها بانها يمكنها ان تحكم العالم من بعيد دون ان تكلف نفسها شيئا .

ما نريد قوله هنا، ان روسيا وان ادعت بانها تريد النصر السريع في غضون اشهر الا انها في الحقيقة عرفت بان ماوراء التدخل امور ثانوية، وانها فكرت من زاوية الصراعات الدولية وليس من نافذة وجودها في سوريا فقط، والدليل هو تغيير اهداف وتوجهات تركيا بعدما كانت تتعجرف، وعبرت عن استهجانها مما يحدث لانها تاكدت بان البساط قد خرجت من تحت ارجلها وهي عضو في تحالف ناتو الغربي الراسمالي المهيمن على العالم لمدة طويلة . وهذا من الاهداف المخفية لمجيء روسيا ايضا . وابعدت بهذه الخطوة الشر من بابها واستجمعت القوى المضادة في منطقة حساسة لها، وهي تبقى لما تصل اليه المعادلات المنتظرة التي تبان من نتائج ما يحصل على الارض من بعد نهاية داعش والتغييرات المنتظرة في المنطقة . وعليه يجب ان نعلم بان روسيا والمتحالفين معها على الرغم من التوافقات والخلافات الثانوية الا انهم يصرفون كل ما بامكانهم من اجل بقاء قوتهم لنهاية اللعبة كي يحصلوا على الاهداف المرجوة من قبلهم . وما يمكن ان نذكره وهوخير للجميع هو؛ عند مجيء روسيا استوضح امر واحد وهو عدم سيطرة قوى الظلام من الدول الرجعية في المنطقة على الامور ما بعد داعش على الرغم من الاحتكاكات المنتظرة سياسيا وعسكريا من قبل التنظيمات الاهرابية التابعة لهم .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم