أقلام حرة

لماذا يُلتصق انبثاق كل حركة تحررية بجهة ما تضليلا

emad aliلم اقرا عن اية حركة تحررية في اية بقعة من العالم الا وتلتصق بها من التسميات والمواصفات والمخططات وتتهم بارتزاق وميول لجهة تحددها اعدائها كما تشاء، وان كان هذا الامر بعيد جدا في الحقيقة . كل ما في الامر ان الحركات التحررية التي تنبثق نتيجة ضياع او هضم الحقوق من قبل المعتدين، لم يجدوا احيانا بدا الا التعاون مع عدو العدو من اجل مصالح ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها في حركتهم التحررية السياسية كانت ام العسكرية لتحقيق اهدافهم الانسانية الثقافية قبل السياسية .

لا نريد عن نتكلم عن امريكا الجنوبية والحركات اليسارية العديدة التي اتهمت من قبل امريكا وحلفائها بالعمالة للاتحاد السوفيتي في حينه، وكيف تجمعوا على ضربها مهما كانت اهدافهم انسانية سياسية حقة لا غبار عليها . .اما في الشرق الاوسط والمنطقة العربية، كلما تحركت القوى المعارضة لم تتاخر السلطت في التصاق تهمة العميل للابمريالية واسرائيل، عدى اليسار التي تهمته حاضرة وهو التبعية للسوفيت وتنفيذ اوامره . من الحركات الكبيرة التي لم تحصل على مرامها لحد الان هي الحركة التحررية الكوردية في الشرق الاوسط والحركة الامازيغية المختلفة عنها في المغرب الكبير، الذي يضم دولا تتسم لحد الان بخصائص يمكن تميزها، وفيها من الصفات الامازيغية الاصيلة الخاصة، مهما حصلت فيها التغيير بعد الفتوحات الاسلامية وما اثرت عليه من كافة النواحي الاجتماعية الثقافية والاقتصادية، ولازالت هذه الدول وما فيها من الشعوب الاصيلة يعانون من ما استوردت اليهم من العادات غير المائمة لهم واثرت سلبا على حياتهم بشكل جذري .

فالحركة التحررية الامازيغية وان كانت ثقافية وسياسية اساسا ولحد الان الا انها لا تختلف كثيرا عن الحركة التحررية الكوردية وما تضمنه من الامور التي لا يمكن معرفتها الا بالعودة الى اساسها وكيفية بروزها، اي بقراءة التاريخ وموروثاته . الاختلاف الكامل بين شعوب المنطقة وحتى مكونات الشعب الواحد دليل على اختلاف اصولهم، وعليه فرضت عليهم فوقيا من السمات التي لم تتمكن هذه الشعوب من استيعابها او استلامها كما هي، نتيجة كونها دخيلة عليهم . وكما ناضل الشعب الكوردي سياسيا وعسكريا من اجل اهداف سياسية عامة، فانه ناضل وضحى من اجل بقاء سماته الاصيلة وعدم تغييرها او ازالة ما يتميز بها، من قبل اعدائه التي حاولت بشكل حثيث في طمس هويته الخاصة . فان الامازيغ ايضا كشعب اصيل، عملت القوى الدخيلة منذ الفتوحات على التغييرات التي ناشدوها فيهم من اجل تثبيت اركانهم، اثرت على كينونتهم وسماتهم الاصيلة بشكل سلبي نتيجة ورود السمات الغريبة اليهم وكلها تقريبا من الجزيرة العربية ابان الفتوحات الاسلامية من جهة، وتصادمها مع ما ورد اليهم في مرحلة الاستعمار الفرنسي والايطالي ايضا . وشوه بهذه المصادمات كيانهم وتركيبهم الاجتماعي والثقافي، ومسحت امور خاصة بهم وبتاريخهم . وعليه، رغم كل تلك التشوهات التي احدثها اعدائهم لدوافع مصلحية سياسية الا ان ما اورثوه من السمات الاصيلة ابا عن جد لم تندثر كاملة . فالحركات التحررية الامازيغية اصبحت في موقف تفرض عليها ما ادركته من ثقافتها التي احتكت وتاثرت بالغريب، وما يملكه الان ربما اختلط عليها، فانها تتحرك لازالة الغبار عنها وهي لازالت في بداياتها ان قارنناها مع مثيلاتها في العالم .

من المعلوم ان اخفاء حقيقة ما يتسم به الامازيغ، كان نتيجة التسلط والقمع من قبل السلطات التي جثمت على صدورهم خلال العقود الطويلة الماضية، ولكن بزوال بعض الدكتاتوريات وفسح المجال او الحرية المنشودة طفت ما كانت مطموسة من الصفات الامازيغية التي تبين الحقيقة التي طمست خلال هذه المدة الطويلة جدا ولكنها لم تضمحل بشكل كامل . والمشكلة ان التهمة التي تواجه الكورد وا لامازيغ معا هي النزعة الانفصالية دئما من قبل جميع اعدائهم بمختلف ايديولوجياتهم وعقائدهم ومناهجهم، وقد برزت من الدول التي لا تستحق اكثر من هذين الشعبين من الدولة، وكأن الدول التي انبثقت لها مقومات اكثر من الشعبين الكوردي والامازيغي . وان قرانا وقيّمنا دول الخليج الصغيرة الكثيرة وهي ذات قومية واحدة تقيما انسانيا منصفا، لا يمكن ان نتهم اي احد اخر بالنزعة الانفصالية، ولهم مقومات دولة بل ازيد من دول كثيرة في المنطقة ولهم الحق في تقرير مصيرهم، وهذا لا يعني التعصب العرقي، لان الحقوق البدائية التي لم تحصل عليها هذه الشعوب هو العائق الاكبر بداية لتعبيد طرق من اجل تحقيق اهداف الطبقات الكادحة من بعده . ولكن عدم تفهم نضال الشعوب بالاخص من يعتبرون انفسهم من اليساريين وهم قومجيين في اساسهم، اختلط الامر بهم على الجميع . فهل من المعقول ان يكون لدول ودويلات وامارات صغيرة بناء دولتها وتحقيق اهدافها وهي تضر بكل الطبقات وانت ترفض دولة لشعوب تستحق اكثر من غيرها، وخصوصا ان كانت الدولة في زمن تكون ضرورية لتحقيق اهداف الطبقة البروليتارية من خلالها، والموانع لتلك الاهداف هو التعصب العرقي السياسي الديني المذهبي من قبل الاخر، وهو يدعي الحق ولكنه على غير ذلك، وللاسف منهم اليسار ومن يدعون ذلك زورا وبهتانا ايضا . وهذا ينطبق على اعداء الكورد والامازيغ ايضا على حد سواء .

و للاسف ان الاحداث التي ضربت مناطق الامازيغ وموطنهم الاصلي واستولت الغرباء باسم الدين عليهم، جاءت في زمن اضطر الامازيغ كما الكورد من تحمل الصعاب والخضوع للامر الواقع عنوة ولكنهم كانوا مضطرين نتيجة كما يدعون هم قبل غيرهم ما هداه القران وفرضه السيف ترهيبا وترغيبا وغيّروا من البنى الفوقية وا لتحتية الاصيلة لتلك المناطق .

ان التهم التي التصقت بالحركات التحررية المختلفة، سواء للكورد او الامازيغ تغيرت بتغير الواقع او المراحل، مرحلة اتهموا بعملاء للامبريالية والاستعمار ومرة موالين للاتحاد السوفيتي واليسار العالمي , ومرة التعصب القومي العرقي . واليوم بعدما برزت المذهبية كاهم عامل للتفرقة يُتهمون مذهبيا من قبل كل محور للاخر . وليس في ذلك الحقيقة، الا ان الهدف الرئيسي للشعبين هو تحقيق تقرير مصيرهم فقط .

وهذا لا يعني عدم محاولة الدول المنقسمة على المحاور من فرض اجندات، وهي تريد استغلال الاختلافات والخلافات الموجودة اصلا في تحقيق مرامهم واهدافهم السياسية الخاصة، وما يتصارعون عليه بعيد جدا عن مصالح هؤلاء الشعوب المغبونة حقوقهم، وهم يترزحون تحت ظلم وجور السلطات منذ الغزوات والفتوحات الاسلامية وما فرض عليهم باسم الدين . وهم لهم تاريخهم وحياتهم، ومميزاتهم لا تمت بالدين والجزيرة بصلة .  

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم