أقلام حرة

هل سمع العراقيون يوما لعمار الحكيم او مقتدى الصدر نقدا او اعتراضا او احتجاجا ضد أفعال مسعود برزاني ضد العراق وشعبنا...؟!

كعراقي، أتحدى عمار الحكيم ومقتدى الصدر ان يبديا من خلال سفسطة "بطولاتهم" النظرية التي ظلت سجينة اصفاد المواقف الباطلة التي ما برحوا يزوقونها بألفاظ وعبارات الشحن الوطني، فيدفعونها لصحف ومواقع عراقية، لاعتقادهما أن "تصريف وتخريج" المواقف، من شأنه التمويه على افعالهم تلك. أو ربما ظنهم، ان في اثارة جعجة لا تطحن سوى الفراغ، ولا توحد موقفا وطنيا تمليه عليهما الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن العراقي، كادانة مسعود برزاني مثلا، سواءا في حفره الخندق أومحاولة ضمه كركوك والاراضي العراقية للاقليم، أو أن تتفجر "الغيرة العراقية" في ذاتيهما فيبديان يوما اعتراضا ما على سلوكه العدواني الشائن ومواقفه المتكررة في الاستهتار بالسيادة الوطنية التي يمجدانها، فيجعلا من موقفهما الجديد ربما، "نقلة" نوعية لتغيير مواقف البلادة والغرور والتخاذل الوطني حيث يعيشانها ليس تيمما بالحق الذي يأمر به الخالق تعالى واثبات مخافته جل وعلا، ولكن على الاقل احتراما "للجبة والعمامة " التي يرتديانها .

ففي مقال كتبناه في 19 أبريل / نيسان 2014، وبعنوان "مقتدى الصدر وعمار الحكيم صورتان سوداوان عن المذهب والمبادئ الوطنية"، ذكرنا في بعض منه :

 

"فاكثر الظواهر التي مثلت خطرا كبيرا في خرق فاضح لقيم العقيدة الدينية الشيعية وسفرها التراثي الاخلاقي الثري وفكرها الشمولي العميق لمباديئ ديننا الحنيف، وفي تماديها في الاسائة للمذهب، كانت ظاهرة مقتدى الصدر وعمار الحكيم، من خلال استغلالهما الارث العائلي والعبث بوحدة المذهب من خلال المواقف الانتهازية والتهافت والانانية وتغليب شهوة السلطة والثراء، حتى بلغت الامور حدا مخجلا، ومحرجا لعوائل ال الصدر وال الحكيم . فالشهداء الابرار لقادة المذهب ممن داسوا باقدامهم على شهوات الحياة الدنيا، ووهبوا حياتهم من اجل الالتزام بقيم الدين الحنيف، نجد أن خلفهم، وللاسف، متمثلا بمقتدى وعمار،وعلى العكس تماما في اسرافهم وراء شهوات الحياة الدنيا، حيث نرى لامبالاتهما في الاجهازعلى التلاحم المصيري المفترض لشعبنا، والمتوارث اخلاقيا وعقائديا وايمانيا من قبل المذهب الشيعي من خلال تعكزهما على الارث العائلي وتوفير"حماية" ذاتية تضمن لهما وتبيح لهما سلوكا طفوليا للتطاول على رئيس الحكومة في تضامن مع مواقف غير شرعية وغير اخلاقية مع رئيس الاقليم وبانتهازية فاضحة وهوان مع قائمة "متحدون" وزعيمها البعثي اسامة النجيفي، وهي مواقف يستنكرها عرف الامتداد الطبيعي للارث العائلي النبيل لأل الصدر وأل الحكيم والذي ما برح شعبنا يحتفي بذكراهم، بغض النظرعن الانتمائات الدينية والمذهبية" ...(انتهى)..

فمع الانزواء السياسي للسيدين عمار ومقتدى وابتعاد الشارع العراقي عن كل من المجلس الاعلى والتيار الصدري وعن اهدافهما الانانية وما يمثلانه من ذاتية وحب الاستحواذ على المصالح، فان شعبنا وبشكل عام قد ادراك تماما، والشيعة بشكل خاص مقدار نفور كل منهما ونأيهما عن القيادات الشيعية في الائتلاف الشيعي نفسه، لا لسبب سوى ان الخيرين في هذا الائتلاف لا يسمحون لامثال هؤلاء ان تمرر نزواتهم ومواقفهم اللاوطنية لخدمة رئاسة الاقليم والكتل البعثية. كما وأن أدراكهما لمقدار ما يواجهانه من عدم مقبولية من قبل شعبنا، لكنهما ومع كل ذلك، لا يزالان يتوهمان انهما من بين القيادات الشيعية التي يرجوا منها شعبنا الخير!! أو أن يجد الشارع الشيعي، في كتلتيهما بقايا من بعض قيم في قيادة وطنية تستطيع الالتزام بعفة المباديئ الوطنية والامانة والشجاعة او المهنية . فوسيلة كل من السيدان عمار ومقتدى في التعامل مع الاحداث الساخنة، أن يلجأ السيد عمار الحكيم الى كلمة يلقيها في "ملتقاه الثقافي"، او التحدث عن بطولات وهمية أكل الدهر عليها وشرب من خلال "التهديدات" التي لا يجيدها سوى السيد مقتدى الصدر، مع ان هذه التهديدات "اختنق صوتها " وانطوت صفحتها في عهد حكومة المالكي، ولكنها عادت، تحت لواء فوضى حكومة العبادي، وايثاره الولوج في "تصالحات" مع الفساد والنأي عن الاصلاحات، متحديا الجميع، وحتى رأي المرجعية الدينية والشعب العراقي كله.

لا يا سيد عمار، ولا يا سيد مقتدى، فانتما وللاسف لم ترقيا وللاسف الى مصاف من نثق بهم من القيادات الشيعية . فمواقفكما الانتهازية والمتطابقة مع عدوانية مسعود برزاني والكتل البعثية في كراهيتهم للعراق، هي البرهان الاساسي في الانضواء او من عدمه تحت اللواء الوطني، وخصوصا تحت هذه الظروف. إذ لا يمكن تفسير هذا التطابق الكامل لكل منكما مع عدوانية مسعود ضد شعبنا، سوى، ان مسعود ربما يمثل لكما نقطة "الامل" في من ستضطرون الى اللجوء اليه ممن تتمثل به كراهيته للعراق والعراقيين، للتعويض عن ضعفكما في المجاهرة بتلك الكراهية للشيعة وقياداتهم من خلال افعالكم الفضيعة ضدهم بالذات.

وأمام ابتعادكما عن المباديئ الوطنية وجفاءكم مع شعبنا، التي هي من أكثر الامورأيلاما لمصاب الانسان العراقي، نجد ان التيار الصدري والمجلس الاعلى يمثلان ومن خلال السلوك العملي في المواقف اللامسؤولة، ألاكثر سلبية في المساهمات والوقوف ضد دعم الوحدة الوطنية والاستقرار. بل وكانا الاكثر سبقا لتشتيت الجهود الوطنية والوقوف كرأس الحربة ضد المالكي شخصيا، وفي انسجام تام مع جميع الذين في قلوبهم مرض وممن هم ألاكثرعدوانية ضد العراق الجديد. فكان الشاغل الوحيد لكما، ليس سوى تقويض الاستقرار واسقاط الحكومة المنتخبة مع مسعود برزاني واياد علاوي، واسامة النجيفي وصالح المطلك واخرين، بل بانت خياناتكما بشكل اكبر بعد المجيئ بحكومة العبادي .

ثم أنتم يا عمار الحكيم اليوم، مالكم كمن افاق من سبات،"تنتفضون" فتعلنون، "الالتزام في الشراكة بحكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي"، وتؤكدون الى ان "العراق أمام مشروع وطني يتجاوز الطائفية والقومية"...!! (عجيب...كيف هذا..؟ هل في اعادة البعثيين مثلا؟) بينما، في حقيقتكم وحقيقة حليفكم مقتدى الصدر، وبعد ان أمعنتم في تمزيق البيت الشيعي، ووضعتم جميع امكاناتكم لخدمة رئاسة الاقليم والكتل البعثية، ظنا منكما، انكما، قادران على استغفال شعبنا، من خلال محاولة الافصلاح عن عدم وجود "ضغائن " لكما ضد السنة، حتى وان كان "هؤلاءالسنة" يمثلون كتلا من بعثيين ومجرمين عاثوا في الارض فسادا وارهابا؟

أكدتم يا عمار الحكيم، من خلال بغداد - (أين)، في يوم أمس، الأربعاء 13 يناير / كانون الثاني 2016 على:)

–"نؤكد للعبادي اننا داعمون له وبقوة وملتزمون بشراكتنا في هذه الحكومة وملتزمون أيضا بتحالفنا مع القوى التي شكلت هذه الحكومة ولكن يجب ان نرى عجلة الإصلاحات تتحرك لان الوقت قارب على النفاذ وان إضاعة مزيد من الوقت لن يكون لصالح الحكومة ومشروعها لبناء دولة المؤسسات)...

وأضاف "بعيدا عن كل المزايدات السياسية فأننا امام فرصة لبلورة مشروع وطني عراقي خالص، ومن هنا اعلن باننا في تيار شهيد المحراب وكتلة المواطن سنكون اول الداعمين لهذا المشروع من دون النظر الىىحسابات الربح والخسارة ومن دون الالتفات للمسميات الطائفية والاثنية، ونتمنى ان يولد مثل هذا المشروع على يد المخلصين من البرلمانيين الذين يمثلون كل اطياف الشعب العراقي والذين اقسموا على حماية الوطن والدفاع عنه، واننا نؤمن ان هذا الوقت هو الوقت المثالي لبلورة المشروع الوطني ويدنا ممدودة للجميع".

ألا تكف عن الرياء يا سيد عمار الحكيم ؟ ولكن دعني اسألكم : من هم المخلصون من البرلمانيين الذين تعتقدهم "يمثلون كل اطياف الشعب العراقي والذين اقسموا على حماية الوطن والدفاع عنه"؟ أليس هم من عاديتموهم وحاولتم اسقاط الحكومة انذاك؟ وهل تعتقد ان بقية هذه الكتل البرلمانية التي لا تبالي لا بدستور ولا بحكومة اتحادية وقد أغرقت العراق بالفساد والفوضى" هل تعتقدونهم "سيلبون" نداؤكم لبلورة مشروعكم الوطني هذا؟ وهل يعبؤن بما تدعون اليه ؟ فالمواقف الوطنية ليست من شيمكم يا عمار الحكيم، فانتم أول من وقف ضد الحكومة المنتخبة ومارس التأمر عليها مع حليفكم مقتدى الصدر وجوقة البعثيين، لا لشيئ سوى بدوافع الاحقاد والحسد والوقوف ضد الحق، فما الذي جعل ضميركم يصحو هكذا الان؟

فحتى قياديكم في مجلسكم الاعلى هذا، و"المعممون" منهم بالذات ممن يتبؤون مراكزا عليا في البرلمان، ليسوا بأقل قمائة وحقدا ضد حتى من يكتب من كتاب وطنيين عن ممارساتكم للباطل وملاحقة مواقفكم التي لا تتسم بالوطنية، الى درجة، ان هؤلاء "قياديكم" رفضوا حتى الرد على استفسار لطلب لمواطن عراقي، حقدا وضغينة ضد هذا الكاتب. فما قيمة وجودكم ووجود مجلسكم وقياداتكم ان لم تكن جديرة حتى بالقيام بواجباتها الوظيفية في الرد على تساؤلات المواطنين؟ هذا مثل بسيط للنفوس التي ترتدي العمامة، وقد أعمى الله تعالى بصيرتها.    

لقد اشبعتم شعبنا يا سيد عمار ويا سيد مقتدى ب "وطنياتكم"، وحان الوقت ان تتخذوا موقفا وطنيا حقيقيا لادانة جرائم مسعود برزاني لإستيلائه على الاراضي العراقية، وحفره الخندق من اجل "دولته المزعومة"، كأمر واقع . وتذكروا قوله كما يتذكر شعبنا ذلك: (ان الحدود يرسمها الدم)....!!

حماك الله يا عراقنا السامق...

 

أ . د . حسين حامد حسين

 

في المثقف اليوم