أقلام حرة

المغاربة أمام القانون سواء وسواسة حتى هما!!

hamid taoulostلست نواحاً ولا بكاء، لكن واقع الحال يدفع بي، كما الكثيرين مثلي، للجلوس والتباكي بحضرة الظلم و"الحكرة"، والاستسلام للكثير من التساؤلات السخيفة حول ما نعيشه من مآسي متنوعة، وما الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه؟ ومن هو السبب في تعمده؟ ومن المقصر الأول يا تُرى؟ وهل ساسة البلد بلا مهنية؟ أو يشكون غياب الحس الوطني، ويعانون من أزمة ضمير؟ أم أن السبب في ذلك هو ضعف الأحزاب، وإصرارها على تحويل قادتهم إلى أبطال، على حساب أحوال الشعب ومصائرهم؟؛ قد يكون اجتماع كل تلك الأسباب وغيرها من العوامل، على طاولة التسيير والإدارة المضطربة، هو ما قادنا إلى ما نحن عليه، وإني هنا لا أقصد، بهذه التساؤلات السخيفة، أحدا بذاته، أو جهة بعينها، بقدر ما أريد أن أشخص سبب ما نحن فيه، وذلك لأنه ليس كل ما صدر ويصدر من قرارات ومشاريع سياسية عن الحكومات بمختلف مرجعياتها، والأحزاب بكل توجهاتها وأيديولجياتها، هو صحيح بالضرورة، لأن جلها، إن لم نقل كلها وفي جميع الدنيا، معرضة إلى الخطأ واللامهنية، وتسلل التطرف واللاحيادية إلى مقرراتها، والوقوع تحت تأثير المغريات، والسقوط في حمئة المخالفات الدستورية، خاصة في مثل هذا الوقت الحرج والظروف التي سادها الفساد، حتى صار ظاهرة مكشوفة، يُتوقع انسحابه على بعض مسؤولي تلك الحكومات والأحزاب، لكونهم ليسوا أنبياء، ولأنهم غير معصومين عن الخطأ .

ولن أكون مغاليا إذا قلت، أن من بين هؤلاء، بعض المتهورين الذين رُكبوا على أسس من اللامبالاة والأنانية، وسيطر عليهم الهم الفردي، والطموح والغايات المشخصنة، وعدم الشعور بالمسؤولية الجماعية، فأباحوا لأنفسهم احتكار الحقيقة للمباهاة بها على من كُلفوا بتسيير شؤونهم العامة، ودعم حاجاتهم الشعبية، وتحقيق رغباتهم في الأمن ومتطلبات العيش الكريم، لكنهم استقووا عليهم بالسلطة التي تحصلوا عليها بفضل أصواتهم، وحالوا بينهم وبين الحريات والحقوق، وعرضوا هوياتهم لخطر التمييز والتفرقة بحسب الأصل أو الجنس أو اللغة أو الهوية، على غير أسس موضوعية، وفي ظل خطاب غير ناضج، ومشحون بالطائفية والكراهية والاستعداء والتجييش المذهبي والسياسي الممنهج، الذي يضرب جوهر المساواة، أهم المبادئ الإنسانية والقاعدة الأساسية في قانون حقوق الإنسان التي تحرص الأمم والشعوب على التمسك بها،.

وايقرها الدين الإسلام، في معاملة الناس جميعاً على قدم المساواة في الحقوق والواجبات، وفي القيمة الإنسانية ولا فضل لإنسان على آخر إلا بكفاءته، التي يعتبرها هي المعيار الذي يقاس به مقدار تقدم مجتمع ما، والتي تحقق أقصى درجات التقدم والرقي، فإذا ضاعت أو طفف ميزانها، ضاع الاستقرار وضاعت الحياة .. فكلما تعمد مسؤولينا عدم الالتزام قانون المساواة بين الفئات، وطغى مبدأ إن لم تكن معي فأنت ضدي وإن كنت ضدي فأنت لا تستحق العيش ومن حقي مصادرة أحلامك، كلما اتسع الشرخ وأصبحت نقاط الاختلاف حقائق مسلماً بها، وتكاثر ضحاياها وتعمق تخريب ونسيج المجتمع المغربي .

 

حميد طولست

في المثقف اليوم