أقلام حرة

عالم الفلك يتيه في الإعلام

moamar habarأسأل أستاذ جامعي عن عالم فلك جزائري، أتعمّد عدم ذكر إسمه لأن الإسم لايهم الآن بقدر مايهم السلوك المراد طرحه وعلاجه. فيثني عليه ويذكر خصاله، ثم يتطرق للإحباط الذي أصابه جراء فشله في تحقيق طموحاته، فبدت على تصرفاته علامات الانتقام ..

يجيبه صاحب الأسطر، فيقول.. علّمونا منذ الصغر إحترام العلم والعلماء، وتقديمهم على غيرهم، واتخاذهم قدوة في ما أبدعوا فيه، وتلقين حياتهم للأطفال والناشئة..

لكن ما يضيرني في عالم الفلك، أنه أقحم نفسه في عالم الصحافة، فاستغل أبشع إستغلال. وأصبح لايظهر إلا معاكسا لما أجمعت عليه الجزائر، كأن تنقل عنه الصحافة الجزائرية قوله..

عيد الفطر يوم الأربعاء وليس يوم الخميس مثلا. وهلال رمضان لايمكن أن يكون يوم الأحد كما ذكرت وزارة الشؤون الدينية، بل سيكون يوم الإثنين مثلا.

فيتحول على إثرها أعز الأيام وهي أيام رمضان والعيدين إلى أيام صراع وتنابز وتبادل التهم، وكل يختبر الآخر ويشكك في قدراته وصحة معلوماته. وهذه الحالة ساهمت في نشر الفوضى والاضطراب داخل صفوف المجتمع الجزائري، وأساء كثيرا لهيئات علمية ، وأضر بعلماء ومكانتهم.

مهمة العالم والمختص في ميدانه، أن يطرح أفكاره العلمية داخل قاعات مغلقة تضم مجموعة من العلماء والخبراء، وتطرح على إثراء كل النقاط وبحدة واحترام من طرف الجميع، ويسود العقل والحجة، ويسمع الجميع لمن يملك الدليل الدامغ والحجة البالغة، ثم يدون النقاش في سجل وينشر عبر مؤتمر علمي معترف به، وعبر مجلة محكمة لها وزنها العلمي. ويبقى النقاش مفتوحا بين أهل العلم والاختصاص، للإضافة والإثراء والتصحيح.

أما أن يبقى عالم الفلك أو غيره من العلماء والمختصين، يجرون وراء وسائل الإعلام للبحث عن الظهور والإثارة، فإنهم في هذه الحالة لايختلفون في شيء عن الرياضيين والسينمائيين والمغنيين والفنانيين، الذين يسعون لكسب الجمهور بما يثير العواطف ويشحن الحماس المفرط، ونفس الأسلوب يتبعه الساسة في كسب الأراء وتحريك الشارع وتغيير المواقف لصالحهم، وتأليب المجتمع ضد كل من يرونه لايخدم مصالحهم بالطريقة التي يريدونها ويسعون إليها.

حب صاحب الأسطر الشديد للجزائر وعلماء الجزائر وإحترامه لكل ماله علاقة بالعلم والعلماء، يدفعه إلى أن يتمنى من عالم الفلك وغيره من العلماء والمختصين، أن لايكونوا ألعوبة في يد الإعلام، مهما كانت معلوماتهم دقيقة صحيحة، وان لا يكون حب الظهور ومخالفة الاخر، هو الهدف الذي يقضي على الهدف الأسمى وهو العلم والأمن والسكينة.

وقد سمعت الفقهاء يمتنعون عن الإفتاء في قضايا دخلت قاعات المحكمة، إحتراما للقضاء ورجال القضاء، ولو كانوا يملكون رأيا مخالفا لما ذهبت إليه المحكمة. فيحافظون بذلك على سكينة المجتمع وهيبة القضاء وحرمة المفتي، ويساهمون في نشر الأمن والأمان بين ربوع المجتمع، ويزرعون الثقة بين هيئات المجتمع، وحب الناس لرجالاتها والاستماع لهم واحترام صمتهم، حين يكون الصمت خير وسيلة لاستتباب الأمن وتطور المجتمع.

 

معمر حبار

 

في المثقف اليوم