أقلام حرة

وقفة على موقف مثقف

sattar bzyniفي ٢٧ من كانون الاول مطلع العام الجديد، نشر السيد طارق السويدان، وهو باحث ومفكر وداعيه إسلامي ومدرب محترف في الادارة والقيادة .

في صفحته على موقع فيس بوك، كتب خاطرة تحت عنوان الأكراد شعب احبه لتاريخه المجيد ودينه العريق وكرمه الأصيل وذوقه الراقي، ثم استدرج قائلا، كل من تعرفت عليهم من الأكراد سواء ايام دراستي في أمريكا او في العالم العربي، كلهم جعلوني احبهم اكثر واكثر.

قبل كل شيء أقول للسيد طارق أشكرك على موقفك النبيل، على الأقل انك عبرت عن موقفك بعبارات خجولةلتعبر عن خلجات نفسك اتجاه الشعب الكوردي، التي توصلت الى تلك القناعة من خلال احتكاكك بمجموعة أشخاص كورد تعرفت عليهم . كنت أتوقع ان تكون تلك القناعة عن طريق مطالعة كتب التاريخ او دراسة وبحث علمي عن تاريخ شعب تربطك معهم رابطة الدين منذ اكثر من أربعة عشر قرنأ. هذا الشعب العريق الذي بات ضحية مؤامرة سايكس بيكو بعد الحرب العالمية الاولى بين أربعة دول مسلمة نظامأ وشعبأ، فكلهم يتسارعون ويتنافسون على كيفية إبادة وإسكات هذا الشعب. ففي العقود الاخيرة من العام المنصرم برز مثقف جرئ في توركيا ومن بين ستين مليون تركي ليقول كلمته معارضأ السلطات التركية في سوء تعاملهم وإجحافهم بحق عشرين مليون كوردي، حيث نشر بحثه ودراسته حول القضية الكوردية تحت عنوان (كوردستان مستعمرة دولية) التي اغضب السلطات التركية الشوفينية مما تعرض للاهانة والتعذيب والسجن، وبما انه كان يحب قوميته ومخلصأ لوطنه فقد ازداد عزيمته واصراره على موقفه في الدفاع عن شعب مظلوم ومغتصب ارضهم وحريتهم، هذا العلم الجليل هو اسماعيل بيشكجي .

ولكن أقول بكل أسف لم يظهر اسماعيلأ واحدأ من بين أربعة مائة مليون عربي ليقول كلمة حق في وجه سلطانه الجائر، ليقول للعرب بأننا اصحاب رسالة سلام لا نطمع في احتلال أراض الغير لأن جزءأ من وطننا لا تزال مغتصبة ومحتلة من قبل اسرائيل. بالرغم من ان العرب مدينون للكورد على مدى التاريخ لعلمائهم أمثال ابن اثير وابن خلكان والشعراء أمثال جميل صدقي الزهاوي واحمد شوقي واحمد تيمور على سبيل المثال لا الحصر، اللذين خدموا العرب في دينهم وأدبهم وانتهاءأ بالتضحيات لأجل نصرة العرب بقيادة صلاح الدين الأيوبي، الذي بسببه تشرد مئات الألوف من الكورد خارج وطنهم كوردستان في فلسطين ومصر والأردن ولبنان حيث كان جزاءهم، انهم فقدوا هويتهم ولغتهم في بودقة شعب لم يتمكنوا في إنصافهم والتعامل معهم بالمثل. فحكام المنطقة المستعمرة لكوردستان لم يترددوا في القتل والتهجير وحرق وتدمير قراهم فصدام حسين أباد مدينة حلبجة بكاملها ودفن مائة وثمانون الف إنسان كوردي بعوائلهم في وسط وجنوب العراق، وهدم أربعة آلاف وخمسمائة قرية بمساجدها فلم يحرك العرب ساكنأ فسكتت الجامعة العربية والمراجع الدينية عن تلك الجريمة آلتي يندب لها الجبين.

كنت انتظر من السيد طارق ان يكون قناعته نتيجة البحث والمطالعة وليس عن طريق أشخاص تعرف عليهم، ثم وقع الأخ في خطأ نحوي كغيره من مثقفي العرب متعمدا او متناسيا بان جمع الكورد هو الكورد وليس أكراد، لان الكورد اسم الجنس الجمعي فكما هو جمع العرب هو العرب كذالك جمع الكورد هو الكورد، فأبدى السيد حبه للكورد ولا يعرف شيئا عن تاريخه العريق ودينه، وبما انه داعية إسلامية لا يحبذ غير الاسلام دينأ، فالكورد مسلم فيهم السني والشيعي والعلوي وواديان اخرى كاليزيدية واليارسانية ووالزرادشتية، فهل يتقبل المثقف العربي الكوردي على رغم معتقده المخالف، وأخيرا أقول ان الانسان هو الغاية وهو المقدس بذاته، فليكن احترام الانسان لإنسانيته وليس لدينه ومعتقده.

 

بقلم ستار بزيني - السويد

في المثقف اليوم