أقلام حرة

رئيس الوزراء العراقي يُدير ظهره لأكبر مرجعية دينية مؤثرة سياسيا ودينيا في العراق

يبدو ان رئيس الوزراء العراقي قد أدار ظهره تماما لأكبر مرجعية دينية مؤثرة دينيا وسياسيا في العراق، ومطالباتها المتكررة بأجراء الإصلاحات السياسية والإقتصادية الحقيقية، وتحذيراتها من إنهيار العراق سياسيا واقتصاديا بسبب تقاطع المصالح والإرادات بين الكتل السياسية السنية والشيعية والكردية، وتفشي ظاهرة الفساد المالي والإداري بين هذه الكتل حتى جعلت العراق يقف على حافة الإنهيار السياسي والإقتصادي. ففي كل اسبوع تكرر المرجعية الكبرى في صلاة الجمعة مطالباتها ونصائحها للحكومة وتحذيراتها لها بضرورة تدارك الوضع السياسي والإقتصادي وذلك بضرورة إجراء الإصلاحات الحقيقية التي نادت بها قبل عام تقريبا، والوعد الذي قطعه رئيس الوزراء بالبدء في إجراء هذه الإصلاحات. ولكن العراقيين لم يروا إلا إصلاحات شكلية، هزيلة، سطحية لم تنل من رؤوس الفساد الكبيرة التي تتزعم الكتل السياسية الشيعية والسنية والكردية النافذة والرؤوس الصغيرة التابعة لها داخل الحكومة وخارجها. والظاهر ان رئيس الوزراء العراقي لم يعد يلتفت وينتبه ويهتم ويصغي إلى ما تقوله المرجعية الكبرى في النجف والسبب، كما اعتقد، ثقته وتأكده أن هذه المرجعية لا يمكن لها أن تذهب بعيدا في التصدي له ولحكومته الفاسدة من رأسها إلى ذيلها ولا أن تفعل شيئا مؤثرا يطيح بها. والذهاب بعيدا يعني التحرك على مستوى الشعب العراقي واصدار فتوى كبرى مثل فتوى الجهاد الكفائي للتصدي لتنظيم داعش ومنعه من احتلال بغداد بعد إحتلاله الموصل وتكريت والفلوجه، إثر انهيار الجيش العراقي بعد المؤامرة التي دُبِرت بالليل والنهار. فرئيس الوزراء يعرف جيدا ان المرجعية لا يمكن لها أن تصدر فتوى الجهاد ضد الحكومة الحالية والتي تقوم على ثالوث غير مقدس: الشيعة والسنة والكرد، لأن هذه الفتوى لو أُعلِنت وأُطلِقت فلن يجد رئيس الوزراء ولا الثالوث غير المقدس الذي يدير حكومته، الفرصة للهروب بجلودهم؛ من يملك جنسيتين يهرب إلى وطنه الثاني، أو بالأحرى وطنه الأول، ومن لا يملك إلا جنسيته العراقية يهرب إلى إقليم كردستان، ملاذ اللصوص والفاسدين والمتآمرين.....

.... إضافة، أن رئيس الوزراء قد سلَّمَ لحيته وشاربه إلى المحتلين؛ الأمريكان والبريطانيين، يأتمر بما يأمرون، ويفعل مايريدون، ويتوجه بما يوجهون، ولم يعد يخشى أحدا ولا يسمع لأحد لهذا السبب بعد أن ضمن حمايتهم ودفاعهم عنه وقت الشدة. وقد تكررت تصريحات الأمريكان بحماية رئيس الحكومة العراقية والدفاع عنه وعن حكومته بعد أن سلَّم واستسلم لهم .....

...... إضافة، ان رئيس الوزراء لم يكتف بعدم التصدي للفاسدين واللصوص والسارقين، بل راح يتمسك ويستبقي البعض منهم في الحكومة ويستعين بالبعض الآخر كمستشارين له تقربا من وتزلفا إلى كتلهم الفاسدة لغرض الوقوف إلى جانبه، بدلا من تلبية مطالب المواطنين العراقيين بإحالتهم إلى القضاء للتحقيق معهم وطرد المدانين منهم. هكذا يكون الإصلاح الحقيقي....

..... والخلاصة، أن رئيس الوزراء هو الذي يذهب بعيدا في قطع علاقته بالعراقيين ومرجعيتهم الدينية الكبرى، فمواقف الناس ومشاعرهم تجاه هذا الرجل وتصرفاته بدأت تزداد حدة وغضبا وتذمرا. وعليه، والحال هذه، أن يكون على حذر وينتبه بل، أيضا، ويخاف، لا من العراقيين أن يخرجوا إثر دعوات فردية من منظمات مجتمع مدني ولا من نشطاء من هنا وهناك في مظاهرات (مليونية) في ساحة التحرير بلا قائد يقودهم ولا هدف واحد يجمعهم، إضافة إلى أنها مخترقة من قبل الكتل السياسية الفاسدة، بل أن يحذر وينتبه ويخاف من أن تدفع بالملايين من العراقيين إلى الشارع فتوى ثانية لا تُبقي ولا تَذر ... وقد أُعذِر من أنذَر ....

 

احمد العلي - بغداد

في المثقف اليوم