أقلام حرة

العراق وسنوات يوسف

ahmad alkhozaiخزينة خاوية، وأسعار نفط متدنية، لاتسمن ولا تغني من جوع، صناعة معطلة، مصانع مهجورة ومكائن أكلها صدأ السنين، أراضي زراعي جرداء، بعد أن أصبحنا نستورد حتى (الفجل والخس).. هكذا بدا المشهد العراقي ونحن نطل على عامنا الثالث عشر بعد سقوط الصنم، في ظل الديمقراطية الأمريكية الزائفة، التي جائت بمجموعة من المقامرين والمغامرين، ليحكموا هذا البلد الغني بثرواته الطبيعية، وعطائه الحضاري، هذا البلد الذي وصفه المفكر والكاتب محمد حسنين هيكل بانه (عبارة عن بنك يديره شلة من اللصوص)، أكثر من سبعمائة مليار أهدرت على مشاريع وهمية، وأبواب صرف تنعم بها قادة العراق الجديد هم وأقربائهم، وأعضاء كتلهم وأحزابهم، وتسعون مليار فقدت من الاحتياطي المالي خلال العشر سنوات الماضية،وتلاشت في فوضى المشهد العراقي، دون ان يسال عليها احد، او يحاسب عليها احد، لان الجميع اشترك في سرقة هذا البلد، والجميع مسؤول عما حدث ويحدث، ونحن كشعب نتحمل جزء من هذا الخراب، بعد ان رسخنا وجودهم بعقدنا الطائفية والقومية، ومكناهم بسكوتنا عليهم من ان يصبحوا رقما صعبا، وحقيقة فرضت نفسها على الجميع، في المشهد العراقي .. تظاهرتنا الخجولة ضد الفساد لم تضفي إلى شيء سوى إنها أثبتت للسراق بأن هذا أقصى ما يمكن أن يفعله الشعب اتجاه فسادهم وعبثهم بمستقبل العراق، تظاهراتنا التي استنزفت نفسها بعد فترة قصيرة، لأنها افتقدت إلى القيادة الموحدة، ووحدة الشعار، وأساء إليها اشتراك بعض الأحزاب فيها والتي هي جزء من الفساد، هناك مقولة للكاتبة اليمينية توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل للسلام .. (الثورة التي لا تقضي على الفساد، تقويه).

كل المؤشرات تقول ان أسعار النفط سوف تبقى في هذا الهبوط على الأقل للعامين القادمين، ضمن مؤامرة دولية كبيرة اشتركت فيها بعض دول الأوبك العربية، بعد رفضها خفض الإنتاج لمنع أسعار النفط من الانهيار، فأغرقت السوق العالمية بالنفط الرخيص القادم من اقليم كردستان العراق، ونفط داعش المهرب عبر الأراضي التركية، ونفط ليبيا الذي تسيطر على بعض أباره وموانئ تصديره الجماعات الإسلامية المتطرفة وبعض القبائل وسط الفوضى الأمنية الذي يعيشها هذا البد، إضافة الى النفط الصخري المستخرج من بعض الدول الغرب والذي دخل كمنافس كبير للنفط المستخرج من باطن الأرض، بعد ان تجاوز إنتاجه الأربعة ملايين برميل يوميا .

اذن العراق مقبل على سنين عجاف كسنين يوسف، كونه دولة ريعية بامتياز ولا يوجد لديه مصدر آخر للدخل غير بيعه للنفط ، وهاهي حكومته العاجزة والمكبلة بالتوافقات السياسية والهيمنة الأمريكية على قراراتها، تطلق بالونات اختبار للشارع العراقي بين الحين والآخر لجس نبضه، من خلال تصريحات لبعض الوزراء والنواب، بان الحكومة تستطيع توفير الرواتب للموظفين لغاية شهر آذار أو حزيران، يقابلها خوف المواطن البسيط من القادم، وركود في حركة السوق العراقية .

فمن يتحمل مسؤولية ما حدث..؟.

ومن يتحمل هذه الجريمة الكبيرة التي ارتكبت بحق ثروة العراق وشعبه ..؟.

سنوات يوسف العجاف القادمة على العراق، سيستقبلها العراق بلا يوسف يخفف من وطأتها عليه ، وشلة اللصوص التي سرقتنا ستنكفئ على نفسها، وتتنصل مما حصل،وبعدها ستبحث لها عن مصادر أخرى لسرقتها من هذا البلد الغني في كل شيئ، الا من العدل والإنصاف .

 

احمد عواد الخزاعي

في المثقف اليوم