أقلام حرة

المعركة المقدسة ورسائل قادة الميدان

mahdi alsafiبالرغم من تحريم المرجعية الدينية الشيعية وبعض العشائر العربية في الجنوب لظاهرة الرمي في المناسبات (وهي بالفعل ظاهرة سيئة غير حضارية مزعجة ومؤذية ومميتة احيانا)، الا انها كانت الرسالة الاعلامية الوحيدة التي يعرف من خلالها الناس ان كوكبة من شهداء الحشد الشعبي قد دخلت مدينتهم او قريتهم، فحكومة المنطقة الخضراء لازالت غير مكترثة لدماء العراقيين واحتياجاتهم، هذا الذي دعا المرجعية الدينية ان تعلن ان خطب الجمعة لن تتناول النقد السياسي الاسبوعي مرة اخرى، انما وفقا لمقتضيات المصلحة العامة والحاجة الوطنية، وما اوحش مقبرة النجف هذه الايام، فقد امتلأت بشهداء الوطن من الجيش والشرطة والحشد الشعبي، ومن المدنيين ضحايا الاجرام الوهابي الطائفي الارهابي، مشهد عظيم لايمكن وصفه، وكأن الف كربلاء نزلت في وادي السلام مخضبة بالدماء الطاهرة.

كل تلك التضحيات التي قدمها الشعب العراقي، وتحديدا المكون العربي الشيعي الاصيل في بلاد الرافدين منذ اوائل القرن الماضي، لم يكن لها ثمن عند الاخرين

(لا محليا ولا عربيا... عدا مواقف سوريا القومية الاخلاقية العربية، وقد كانت واضحة بتحية الشعب السوري للمقيمين العراقيين قبل 2003 ..عبارة على راسي)

، اخر تلك المواقف ظاهرة دواعش السياسة في بغداد، وهم يتهجمون على الحشد الشعبي بعد كل تلك الانجازات المعبدة بالدماء، وهي ظاهرة دنيئة تضعهم في موقع الشك بالتأمر والخيانة، والعمالة لاعداء الوطن،

هذه النتائج كانت معروفة مسبقا للمعارضة العراقية (الجيل الثالث منهم، معارضين مابعد 1991)، الا انها غير واضحة للمعارضة التي تركت العراق قبل 1980او خلال هذا العقد، فما حصل بعد انهيار انتفاضة 15 شعبان كان فضيعا، حملات بربرية وحشية طائفية جاءت من بغداد والمناطق الغربية (التي تحالفت مع داعش بعد 2003 لتدمير العراق وابادة الشيعة)، لتنفيذ افضع جرائم الابادة الجماعية في تاريخ العراق والمنطقة، نفس هذا المكون ونفس الوجوه والاخلاق والنهج الطائفي البدوي، الذي يندفعون معه اليوم لتقسيم العراق، (مع الاعتراف ان نسبة معينة من ابناء تلك المحافظات كانت ولازالت لهم مواقف وطنية صادقة في مواجهة مشاريع الخونة)، هي من ادخل الارهابيين الى بلادنا لتنفيذ المخططات الطائفية الامبريالية الوحشية، تحت غطاء او ستار اللحمة الوطنية والتعايش السلمي المر، مع ان الانخراط والانجرار في فتح تلك الجراح مؤلم، لكن هذا الامر لايعطينا الحق في التغاضي عن فضح الواقع التأمري الخطير لشرائح واسعة من ابناء تلك المناطق، والذي يشترك معهم فيه ايضا بعض السياسيين والمتنفذين والسماسرة وتجار الحروب من بقية المكونات، فالرشاوى الخليجية التي فتحت ابوابها امام المكون العربي السني والكردي لم ولن تضع فيتو لمن يريد من شيعة الفرصة العابرة ان يتعاون معهم، ولهذا تجد ان العراق لم يصبح دولة محترمة امام العالم، ولا حتى امام الشعب(الذي بات يكرر عبارة العراق انتهى –ماكو دولة-العراق انباع كل يوم تقريبا)،

مما سمح بالعامل الخارجي ان يكون له التأثير الاكبر في القرار السيادي الوطني.

اذن ماذا نريد، وماذا يريد الاخرون!؟

الجهاد الكفائي كان ضرورة لحماية العراق كدولة من الانهيار، وحاجة ماسة لحماية المقدسات والمكون الشيعي، فمحافظاتهم لاتبعد عن مناطق التوتر الارهابي سوى عشرات الكيلومترات، لايريد المكون الشيعي اكثر من ان يعود بعض الطائفيين من العرب السنة الى رشدهم، بالابتعاد عن المشروع الارهابي الوهابي الامبريالي السعودي القطري التركي الامريكي(اعادة ترتيب الشرق الاوسط وتحجيم الامتداد الروسي فيه)، لحماية مناطقهم وبلدهم من الارهاب والتقسيم، وتثبيت حقوق المكونات الدستورية وتعويض ضحاياهم،

وقد لاحظ الجميع الموقف الوطني والمبدئي الذي اتبعه الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير الكردية العراقية، تجاه مواقف الحزب الديمقراطي الكردستاني المتناغمة مع هذه المشاريع التخريبية القادمة من خارج الحدود، اما مايريده الاخرون فهو الانتحار السياسي والوطني،

لاعادة استنساخ حالة الدمار الهائلة التي عصفت بسوريا واليمن وليبيا وبقية الدول المضطربة، تلك الكوارث المدمرة لايمكنها التمييز بين الصديق والعدو،

ستسحق كل شيء امامها، وتفتح ابواب جهنم على الجميع دون استثناء، ولهذا ندعو اصحاب الحكمة والثقافة والوعي ان يتصدوا لتلك المحاولات الخسيسة لتدمير الدولة العراقية، واعادة الفتن الطائفية والعرقية الى شوارع المدن المنكوبة..الخ.

اما بخصوص مواقف الحكومة العراقية وبعض الكتل السياسية من الحشد الشعبي وقادته، فهي مواقف محيرة وغريبة وخصوصا ان المسؤولين الشيعة المشاركين في الحكومة، هم من الحركات الاسلامية المتهمة عربيا انها عميلة او تابعة لايران، الا ان الملاحظ في سلوك بعض هؤلاء المسؤولين هو التناغم والتجاوب والتفاعل مع المخططات الامريكية الغير واضحة والمشكوك بها، فتراهم يستجيبون بطريقة سريعة وغير مبررة لإرادة السفير الامريكي في بغداد، اكثر من تفاعلهم واستجابتهم لرأي المرجعية الدينية او الشارع او قادة الحشد الشعبي(ومن وجهة نظرنا كل مقاتل في الحشد الشعبي هو قائد لانه متطوع برغبته الشخصية)،

تلك المواقف تأتي بالتزامن مع التحركات السعودية التركية لمواصلة الازمة السياسية والحرب في سوريا، والحديث عن امكانية ارسال قوات برية للتدخل في هذا البلد المدمر، لتوريط القوى العظمى والاقليمية في التوترات المشتعلة في المنطقة، مع وجود قصور كبير من قبل السياسيين الشيعة في استيعاب حجم تلك المؤامرات والتهديدات التي تستهدف سوريا والعراق معا، كذلك عدم وجود اية استعدادات وطنية كبيرة لمواجهة تلك التحديات، اذ يبدوا ان المخطط الارهابي الوهابي الامبريالي سائر الى ابعد نقطة من الكوارث الدولية، من مؤامرة تخفيض اسعار النفط،

ومن ثم تحميل النيتو روسيا مسؤولية الفوضى في المنطقة، وخروج تصريحات امريكية بأعتبار روسيا خطر يهدد وجود الولايات المتحدة الامريكية، ونشر الدرع الصاروخي الامريكي في عدة دول، مع بدء الاختبار الروسي لقواتها في المنطقة العسكرية الجنوبية، وانزعاج الصين من التحركات الامريكية الاستفزازية، تعطي مؤشرات خطيرة ان استمرارية الحرب والارهاب، وعلى الشارع العراقي ان لايقلل من خطر تلك المؤشرات، وان ينظر الى كل الجبهات بعين واحدة، وان يضع في حساباته شعورا وهاجسا حقيقيا من ان ظهره صحراء لم تعد امنة له مطلقا،

لهذا نتمنى على ابناء الشعب العراقي(ابناء الجنوب والوسط) ان يتركوا الخلافات الداخلية السياسية والعشائرية جانبا، وان يدعموا حملة التدريب العسكري الاختياري للشباب والشابات، فما لاحظناه في الحياة اليومية للمواطن العراقي، ان العديد منهم لازالت تسيطر عليه صفة الاتكالية والابتعاد عن تحمل المسؤولية والخوض في تلك الاحداث، وهذه تعد من مثبطات العزائم للمقاتل، الذي لازال يمسك بزمام المبادرة،

ونقول لكل المتأمرين والمتخاذلين في بغداد واربيل، ان ارادة الحشد الشعبي وقادته والمقاتلين الشرفاء والشعب العراقي اقوى من تلك المؤامرات، ولاطريق لكم في خنادقهم ابدا بقوة الله سبحانه وارادته..قال تعالى في سورة محمد اية 7(يا ايها الذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم)

 

مهدي الصافي

في المثقف اليوم