أقلام حرة

في معنى نعي عراقي

akeel alabodدموع تترى، او كلمات يسكن صمتها العزاء، وجع تستغرقه ملامح صبر يتم ترتيله على شاكلة ايات من الذكر الحكيم، بكاء تتلوه مشاعر ام فارقها رفيق دربها الذي عاشرها منذ قرن من الزمان مضى نصفه، ليودع أطلاله عبر ما تبقى له من النصف الاخر، بطريقة نصوص تم تصويرها في مواقع لم تشهدها الكلمات.

لذلك في القلب، كما في الدموع، اهدابها تبقى تطرز شموس المغتربين على خارطة المكان تلك النصوص، الهجرة ارض، بضمنها ما تم تدوينه في واجهة المشاعر، تلك التي بصدقها سمت، لتترفع عن صفحات الاعلام الذي اعتدنا كما اصحاب التحرير من تخصيصها للاحتفاء بإصدارات جديدة.

ليس سهلا ان يفارق بعضنا بعضا، خاصة ونحن نعد الخطى دون ارادة منا، حيث بنا تسير محطات الزمن المحملة بإغلال الغربة والتحدي، بكل ما تحتويه من تفاصيل.

فارقنا الوطن على شاكلة نشيد بقينا نردد لحنه مع رموش راية اسمها العراق، بقي الرصافي كما السياب، ونازك الملائكة معنا تحملهم احزان حقائبنا المعباة بإوجاع الغربة والحرمان.

ابتعدت جميع أرصفة الذكريات، الماضي، كما الحاضر، بقي ينبض معنا، فارقنا البصرة، وبغداد، كما الناصرية، والحلة؛ افتقدتنا تلك الديار، وهي تغادر محطات كان يسكن ليلها ضوء يختنق في صداه نحيب قرية نائية، البقعة تلك ما زلت استنشق من تربتها رائحة الطيب المعطر بخبز الجيمة والتنور، ومن ظلمة بيوتاتها البائسة، برد الشتاءات المسكونة بعواء الليل ونباح الكلاب.

الريل اغنية ما زالت تهمس في مسامعي ألحان بكائها، هذا الذي بقي يختنق في أعمق ذاتي لعله يقدر ان يستنطق آهات المهجر.

وبذلك يصبح للنعي زاوية مقدسة، فهي بها ومنها ننظر الى تاريخ كتبته دجلة، كما الفرات بنخيلها، وبها تنبت من اقصى الارض منارات.

فالنعي ليس معناه ان يترحم بعضنا على بعض، بقدر ان يحتفى بالمتوفى، كونه في معناه يحمل عمقا، جذوره تنبت في ارض سمائها تأبى ان تموت.

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم