أقلام حرة

الفاسدون المحصنون والشعب المكشوف ظهره وصدره

جلس أربعة من نواب البرلمان في الكافتيريا. لم يحضروا مع آخرين الجلسة التي يصوت فيها البرلمان الآن على احد القوانين المهمة.

صوت: لماذا خرجتم ولم تبقوا حتى تصوتوا على القانون المهم.

الأول: لن أصوت لأن تضايقني هذه الأيام الإتهامات والتهجمات والسب والشتم يوميا على كتلتي السياسية، بالتلفزينون، على التواصل الإجتماعي، بالصحف: فاسدون، لصوص، حراميه، منكم من كانوا دايحين بالدول الأوربية، عايشين على المساعدات وفتات الموائد، ومنكم من كانوا بالعراق صم بكم عمي لا يتكلمون، صوتهم ما يطلع رغم ان صدام قتل وأعدَم وشرد وغيب الكثير من أهلكم، والآن بيدكم حكم وتحكمون على كيفكم رغم وجود خبراء ومستشارين من خارجكم يوجهونكم ويأمرونكم...  ومن هذا الكلام الظالم.

الثاني: ليش هي بس عليكم، يا سيد علي؟ كتلتنا السياسية ايضا يوميا تتعرض إلى الإتهامات والتهجمات، والسب والشتم: فاسدون، لصوص، حراميه، دواعش السياسة، إيتام صدام، بعثيه ...  ومن هذا الكلام الظالم.

الثالث: ليش هي بس عليكم، يا سيد علي ويا سيد عمر؟ ونحن، كتلتنا السياسية اكثر الكتل تتعرض إلى الإتهامات والتهجمات والسب والشتم: فاسدون، لصوص، حراميه، تسرقون النفط وتصدروه للخارج عن طريق تركيا وتبيعوه بسعر رخيص بلا حسيب ولا رقيب، وما ندري وين تخفون المبالغ التي تحصلون عليها... وتريدون تنفصلون وتستقلون وتسوون دولة، وضاربين حكومة المركز بوري، وكل هذا وتطالبون بـــ 17%....  ومن هذا الكلام الظالم.

الرابع: ليش هي بس عليكم، يا سيد علي، ويا سيد عمر، ويا سيد هوشيار ؟ ونحن كتلتنا السياسية ايضا تتعرض احيانا، ليس دائما، إلى الإتهامات والتهجمات والسب والشتم: علمانيون، مدنيون، تريدون تجعلون العراق دولة بلا دين ولا أخلاق، والكل يعيش على هواه، يعني حرية بلا حدود. لكم دينكم ولي ديني .... ومن هذا الكلام الظالم.

الأول والثاني والثالث: لكن ليعلم ويعرف، هؤلاء القلة القليلة من المتظاهرين في ساحة التحرير وفي أي مكان من العراق، الذين يتهمون ويتهجمون ويسبون ويشتمون ويسخرون ويقلدون ... نحن أيضا، متحدين ومتعاونين فيما بيننا ولا تغركم خلافاتنا السياسية، نتهمكم ونتهجم عليكم ونسبكم  ونشتمكم ونسخر منكم ونقلد ونضحك عليكم فيما بيننا.... لماذا؟ لأننا محصنين بالمنطقة الخضراء وحماياتنا كثيرة خارجها، وانتم مكشوفين بساحة التحرير وفي أي مكان من العراق بلا حمايات تحميكم وبيوتكم غير آمنة. لا تستطيعون فعل أي شيء ضدنا ولا أن تنالوا منا لأنكم متفرقين ومشتتين لا تجمعكم وحدة كلمة ولا مطالب محددة ولا يقودكم قائد يتقدمكم ويضع حياته في كفه. ابقوا هوسوا: (باسم الدين باكونه الحرامية...) والأفنديه، أيضا، ونحن نبقى نهوس عليكم: (محصن والله محصن وشحده اليوصل لهنه.) موتوا بغيظكم ونحن نعيش على آلامكم واحزانكم وفقركم وبؤسكم وعذاباتكم وجوعكم وتشردكم. لقد خدعناكم وضحكنا عليكم وصورنا لكم (الهور مرك والزور خواشيك،) وسنبقى جاثمين على صدوركم إلى ان يقضي الله أمرا كان مفعولا بيننا وبينكم أو يأمر بنا من وكلنا عليكم، عمنا الكبير، صاحب الفضل والمنة الذي حرر العراق في نيسان 2003، ولكنه لن يفعل ذلك ما دمنا مُكلفين من قبله بالجثوم على صدوركم وأنفاسكم وهو ما يريده ويرتاح له لأنه يعلم تمام العلم ويعرف تمام المعرفة أن العراقيين يكرهون أثنين: هو والبعثيين منذ إنقلاب شباط الأسود عام 1963. فسلموا لنا تسلمون ما دمتم غير قادرين على ان تفعلوا لنا شيئا فتنالون به منا. نحن الثلاثة: الأول والثاني والثالث، قدركم ومصيركم، فتبينوا!

 

احمد العلي - بغداد  

 

في المثقف اليوم