أقلام حرة

نستلة الصغير تحمل خطيئة تفاحة حواء

goma abdulahالمصيبة والبلاء الذي اصاب  العراق، ليس له حدود من وقف عجلة  التدهور نحو حافة الجحيم، والسؤال المشروع . هل ابتلى شعب من شعوب العالم اجمع، بما اصاب العراق من الكوارث والاهوال والمحن، وهل هناك أسوأ من هذه الضفادع التي خربت العراق؟ كأننا امام سريالية التاريخ بالفنطازية الغريبة، حقاً ان التاريخ يعيد نفسه، في المرة الاولى كمأساة، والمرة الثانية كمهزلة . فقد اشتهرت (ماري انطوانيت) في مقولتها التاريخية المشهورة . حين سمعت ضجة واصوات استغاثة  عارمة خارج قصرها، بأصوات الفقراء الجياع، وهم يطالبون برغيف الخبز لسد رمق جوعهم، فسألت عن سبب هذه الضجة المزعجة، فقالوا لها، ان الجياع يطالبون برغيف الخبز، وهنا ضحكت بأنشراح وانبساط  كبير وقالت بنشوة من وجد الحكمة السديدة (اذا لم يكن هناك خبز للفقراء، فدعهم يأكلون كعكاً) عدوى هذه المقولة وحكمة الاغبياء المعتوهين، انتقلت بسرياليتها الفنطازية الى العراق، تحت بركة الاحزاب الاسلامية الفاسدة، التي استلمت زمام الحكم والسلطة والنفوذ والمال  . وشمرت على سواعدها بشهية الخنازير الجائعة، نحو الغنيمة والفرهود، بالشطف واللغف والعلس وسرقة  الذهب والدولار، تحت ذريعة الدفاع عن الدين والمذهب، وتوظيفه كشعار للمتاجرة بأبخس الاساليب من العهر السياسي والسمسرة، حتى اتخمت بطونهم  بالنعيم والجنة بشكل باذخ ومسرف، فصارت لهم امبراطوريات مالية ضخمة من العقارات والفلل واليخوت، والشركات والمكاتب التجارية والسياحية، وارصدة مالية في مختلف بلدان العالم، وقدرت ماكنة النهب واللصوصية لاموال الشعب وخيراته من عتاوي الفساد الشرسة، بحوالي بمئات مليارات الدولارية، ونسوا وتناسوا عدالة الله، واخلاق وقيم الدين، وتناسوا حقوق المواطن والفقير والمحروم، ووقعوا صرعى وعبيد لبريق المال الحرام، واصبحوا مخلوقات عجيبة وغريبة، ليس لها ادنى علاقة بالشعب، فقد انفصلوا عنه كلياً، فهم في وادي النعيم والترف والجنة، والشعب في وادي الجحيم ونار المشاكل والازمات، فقد غسلت عقولهم وادمغتهم ليكونوا سدنة المال الحرام، وفشلو في توفير ابسط شروط مطالب الحياة البسيطة، ولكن مصيبة هذا القدر الاسود اللعين، بأن هذه الضفادع الكريهة تنقنق في فنطازيتها بالسريالية الغريبة، كأنها تعيش في كوكب اخر غير العراق . لم يعرفوا هموم ومشاكل المواطن  التي تجعله في حريق دائم من الارهاق والمشقة من ضنك الحياة وعذباتها، لم يعرفوا ان نسبة الفقر في العراق في بيان تصاعدي بشكل  مخيف، لم يعلموا بان هناك  شرائح كثيرة من العوائل الفقيرة تصارع بارهاق وتعب مضني، في سبيل توفير الخبز المر، في مقالع الازبال، لم يخطر على بالهم، بأن عوائل كثيرة، بسبب العوز والفقر في توفير لقمة العيش المر، اضطروا ان يخرجوا اطفالهم من مقاعد المدارس،  الى سوق العمل في الشوارع متحملين المخاطر الجمة، لم يعرفوا بأن حقوق الطفولة انتهكت وتمزقت، وفي ظل الرعب المعاشي من شبح الازمة المالية والاقتصادية التي تكبلهم باصفاد مثقلة، خارج عن حدود طاقة تحملها، بأن عليهم دفع فاتورة حسابها من جلودهم الفقيرة، هذه الاهوال والخراب الذي اصابت الوطن والمواطن، تتحمل كامل المسؤولية احزاب المحاصصة الفرهودية . لذلك ليس بالعجيب والغريب بأن احد الضفادع، ينقنق في تفاهاته الهزيلة، التي تثير السخرية والتهكم والاستهجان والضحك والمسخرة  من تصريحاته الفنطازية، التي هي بعيدة جداً عن الواقع العراقي، بل انها تخص كوكب اخر غير العراق، بأن هذا الجهبذ من عتاوي الفساد المتوحشة، كأنه  فاز بالسر العظيم، ووجد العلاج الشافي للازمة المالية الخانقة، التي وضعت العراق على شفا الافلاس وحافة الانفجار، بأن يقدم النصيحة والمشورة والعلاج على طبق من ذهب . بأن سبب شبح  الازمة المالية، هو اكل النستلة بدلاً من الخبز، وانها تسبب استنزاف  اموال طائلة بلا فائدة، بهذا الانفاق المسرف والمجنون على النستلة . هذا يدل على خواء وغباء عقولهم المحشية  بروث البقر، بدلاً من ان يقدم العلاج الشافي لتجاوز خناق وكابوس الازمة المالية، بتقليص افواج حماياتهم، وخفض رواتبهم وامتيازاتهم الخيالية،  بدلاً من ارجاع الاملاك والعقارات التي سرقوا وسجلوها، بأسمهم او بأسماء احد من عوائلهم، بدلا من استيقاظ ضمائرهم الميتة بالكف عن السرقة والمال الحرام، بدلاً من ان يطالب بارجاع الاموال المسروقة، بدلاً من ان  يحث الحكومة على تقديم الفاسدين الى محاكم الدولة للمحاسبة والعقاب . نكتشف اخيراً ان سبب بلاء العراق هي النستلة، التي اخرجته من الجنة والنعيم، كما اخرجت سيدنا ابو البشر (آدم) بسبب تفاحة حواء

 

جمعة عبدالله

 

في المثقف اليوم