أقلام حرة

حكومة التكنوقراط لا تحل المشكلة

المعروف في كل العالم ان منصب الوزير رئيس الوزراء رئيس الجمهورية سياسي بالدرجة الاولى وليس منصب اختصاص لان الوزير رئيس الوزراء رئيس الجمهورية رشحوا انفسهم ووصلوا الى تلك المناصب عن طريق الانتخابات عن طريق اصوات الشعب وفق شروط لا علاقة لها بالاختصاص فشروط الترشيح لهذه المناصب عامة مثل العمر غير محكوم عليه بجريمة مخلة بالشرف اي يتصف بالنزاهة وهدفه خدمة الشعب

وهذا يعني ان المشكلة التي تواجهنا ليست التكنوقراط انما هي الانسان المرشح والذي اختير من قبل اصوات الشعب المفروض بهذا الوزير المسئول ان يملك مشروعا خطة برنامج ورشح نفسه ودعا الشعب لانتخابه اي لانتخاب مشروعه خطته برنامجه ومهمته و الذي فاز بالانتخابات مهمته تطبيق المشروع الخطة البرنامج واذا عجز عن تحقيق وتطبيق ذلك عليه ان يعتذر للشعب العراقي للذين انتخبوه ويقدم استقالته هذا هو ما هو عليه في كل العالم لان المسئول هدفه خدمة الشعب وتحقيق طموحاته ورغباته ومصالحه ومنافعه ومستقبله

للأسف نرى المسئولين في العراق لا ينهجون هذا النهج ولا يسلكون هذا المسلك فانهم لا يملكون مشروعا ولا خطة ولا برنامج خاص بالشعب ويخدم الشعب نعم يملكون مشروع وبرنامج وخطة خاصة بهم وتخدم مصالحهم الخاصة ومنافعهم الذاتية ومستقبلهم وحدهم وهكذا بدأت الصراعات والاختلافات بين هؤلاء المسئولين من اجل مصالحهم ورغباتهم الخاصة في حين تخلوا عن مصلحة الشعب عن معانات الشعب والوطن لهذا حدثت الفوضى وانتشر الفساد والارهاب وسوء الخدمات في البلاد وازداد الشعب فقرا وجوعا وتخلفا

لا شك ان في العراق دستور ومؤسسات دستورية مختلفة لكن الانسان الذي يقود هذه المؤسسات الدستورية ليس بمستواها لم يكن مهيأ لتطبيق وتنفيذ ما فيها من قوانين وتعليمات فتخلوا عنها تماما واصبحت مجرد مقهى لقضاء بعض الوقت او مكان لتقسيم الغنائم او الكيكة حسب المحاصصة هكذا وصلت وقاحة هؤلاء المسئولين السفلة ان يطلقوا على ارض العراق ثروة العراق ابناء وبنات العراق كيكة ويقسموها كما يقسم اللصوص ما يسرقونه وكثير ما يحدث بين هؤلاء السياسين الخلافات والصراعات كما يحدث بين اللصوص الذين يقتلون الناس وبسرقون اموالهم كل واحد يدعي انه بذل اكثر جهدا وانه اكثر تضحية وهذا ما يحدث بين المسئولين في تقسيم الكعكة ومنذ التغيير والى الان المسئولين جميعا يختلفون ويتصارعون من اجل الكرسي الذي يدر اكثر ذهبا وهكذا ازداد المسئولين تخمة وثروة وقوة وازداد الشعب جوعا وفقرا وضعفا

الغريب ان هؤلاء المسئولين الفاسدين رغم ان اغلبيتهم تكنوقراط تخلوا عن الدستور عن المؤسسات الدستورية حتى عن ارادة الشعب تماما وعادوا الى الاعراف العشائرية وشيوخها لانهم يعلمون ان هذه الاعراف وهؤلاء الشيوخ هما سبب خراب وتأخر العراق وانهما الحامي والمدافع عن الفساد والفاسدين لهذا التجأ كل مسئول الى عشيرة وشيخ عشيرة فاخذ هؤلاء المسئولين يحلون الخلافات التي تحدث بينهم وفق اعراف العشائر وشيوخها لا وفق القانون

 وبهذا اصبحت كل عشيرة في العراق دولة لها رئيس شيخ ولها علم ولها جيش قوات امنية اقوى من جيش الحكومة وهكذا تحول نواب البرلمان الى نواب خاصة بعشائرهم انهم يعملون لخدمة عشائرهم وشيوخها وهكذا تتحول الوزارة المنشأة المؤسسة المديرية الى عشيرة الوزير المدير العام وتسجل باسمه

لهذا نقول مشكلة العراقيين ليست التكنوقراط المشكلة هي الانسان الانسان الصالح الشريف الانسان الذي هدفه خدمة الشعب تحقيق رغبة الشعب الذي همه مستقبل الشعب كل الشعب فهل استطعنا ان نخلق ذلك الانسان هل استطعنا ان نختار هكذا انسان ونحمله مسئولية خدمة الشعب

الحقيقة لا زلنا عاجزين تماما لان الاعراف العشائرية ونزوات شيوخها هي السائدة وهي الغالبة وهي التي تمنعنا لهذا يتطلب منا من الذين يرون في الدولة المدنية في دولة القانون اي ان القانون هو الذي يحكم في حكومة تضمن للعراقيين المساوات في الحقوق والواجبات وتضمن لهم حرية الرأي والعقيدة ان يعلنوا الحرب على العشيرة واعرافها وشيوخها والركون الى القانون والمؤسسات القانونية من خلال تفعيل القانون والمؤسسات القانونية

كما يتطلب من الشرفاء والمخلصين ان يعملوا على خفض رواتب المسئولين وامتيازاتهم ومكاسبهم ووضع حدود وشروط وسد كل ابواب وفرص الفساد الى درجة لا تزيد عن راتب المواطن العادي وبهذا اغلقنا الباب امام اللصوص والحرامية واهل الدعارة من ترشيح انفسهم لانه يدرك مسبقا انه لم يحصل على مايريد وحتى لو حصل فانه سينكشف وينال جزائه وبهذا فتحنا الباب للشرفاء والمخلصين لتحمل مسئولياتهم وبناء وطنهم وسعادة شعبهم

 

مهدي المولى

 

 

في المثقف اليوم