أقلام حرة

صخب أزلي بجماعة المشور فاس الجديد!!

hamid taoulostذكرني خبر صخب الدورة العادية التي جرت بمجلس جماعة المشور فاس الجديد في هذا الشهر "فبراير" - حسب وسائل الإتصال الإجتماعي- بما عشناه في نفس مجلس هذا الحي الهادئ الذي بدأنا حياتنا في ربوعه كأطفال متضامنين، تملأ الطمأنينة قلوبنا في فصول مدراسه الإبتدائية وداخل فرقه الرياضية وأنديته الشبابية، على قلتها آنذاك، حيث كانت تربط بيننا علاقات وطيدة رغم اختلاف ظروف العوائل والأسر، وكيف تغيرت الحال بنا، بعدما كبرنا، بعد أن ابتلعت الأحزاب أغلبيتنا بسرعة خيالية، وغير التطرف الطائفي والقومي تعاملنا لبعضنا البعض بصفة جنونية، لتعيش في حلم جميل بأننا أمة عربية واحدة، ورثت عن لكن الحال يتغير، العربية، ولا لتضامنها ولا لعملها العربي المشترك. فتكارهنا عندما جد الجد بنا، وتباغضنا، عندما اشتد الخطب بيننا، ونكلنا ببعضنا، عنما برزت المصالح الخاصة، ولم يقيم أحد منا وزنا للأخوة، أو يعر رسائل أسلافنا خالدة في التضامن، كل ذلك اعتقاداً منا أنه من الرجولة وامتدادا للوطنية ومن تعاليم الدين، ودون إدراك لخطورة الطائفية وضراوة العنصرية التي وقعنا في شراكها، مزقنا عرى روابط مجتمعنا "الفاس جديدي" البسيط الطيب، ودفعنا بمن فيه الى هاوية الفرقة والكراهية، بسبب سوء تقديرنا لحماقات السياسة ومزاجيتها، وما تفرزه من انفرادية فاضحة وأنانية شاملة، جعلت الاستقلالي من الساكنة، يعادي الإتحادي والاتحادي يكره الاستقلالي، وكلاهما يبغضان الشوري، وثلاثتهم يكرهون الشيوعي، ويكفرونه ..

لقد عاد بي خبر انعقاد الدورة العادية لمجلس جماعة المشور فاس، إلى كل تلك الصراعات -التي من الصعب أن تنسى- التي عرفتها دورات نفس الجماعة قبل سنوات خلت، مند 1992، سنة إحداث الجماعة بفاس الجديد، الذي كان لي ولثلة من نخبته، شرف تدشين العملية الديمقراطي بها .

لازلت أذكر أن غالبيتها الصراعات كانت مجانية، وتدور حول نفسها في ما كان يُختلق من اشكاليات مغلقة، تتسبب في مجملها في تعريض مصلحة الساكنة للضياع، لأنها ما كانت تنطلاق من الشعور بالواجب الوطني، ولا يغمرها شرف الأنحياز الى تقديس ساكنة الجماعة ومصلحتهم العامة وحدها، بقدر ما كانت تنطلق من حب الاعتراض لمجرد الاعتراض، و قول "لا"، لأي قرار أو أي نقطة مدرجة في أي جدول أعمال لأي إجتماع حول أي موضوع، كيف ما كان، رغم أننا، وفي كثير من الأحيان، نكون متأكدين أننا على خطئ، وأن غيرنا أكثر تقديرا للأمور منا، وأن رأيه صائب وصحيح، ومع ذلك  كنا نرفض الانعتراف بخطئنا، ونستمر في اعتراضنا بحكم عادة "خالف تعرف"، أو ربما، رغبة منا في إثبات - لأنفسنا قبل غيرنا- أننا مختلفين عن الجميع أو أكثر فهما منهم ..

وإن أهم ما أثارني في هذه الدورة العادية لمجلس جماعة المشور، إلى جانب استحضار هذا الزخك من الذكريات، هو أن الدورات العادية والإستثنائية التي يعرفها المجلس حاليا وفي عام 2016 لم تختلف قيد أنملة عما عرفه مجلس نفس الجماعة مند سنة 1992، ويظهر ذلك جليا في أنه لازالت إشكالية الدور الآيلة للسقوط بتراب الجماعة، تبرمج للنقاش في كل الدورات، وتقدم فيها عرض المعالجة من طرف وكالة التنمية ورد الاعتبار لمدينة فاس، كما كان الحال في زمان احداث الجماعة  قبل 24 سنة، فمن يتحمل مسؤولية عبث هذا التدبير الذي لا يترك الأثر الخير على صميم الأشياء، في هذه الجماعة وباقي الجماعات، هل هم باشوات المشور الذين تناوبوا على تسيير شأن الجماعة بحكم أنهم الآمرون بالصرف بها، أم هي المجالس الجماعة المتعاقبة، التي لم تؤد وظيفتها التطوعية التشاركية على الوجه الصحيح، أم هو عدم إشراك الساكنة واستدعائها للمساهمة في إبداء الرأي والمشاركة في إيجاد الحلول..

 

 

حميد طولست

 

في المثقف اليوم