أقلام حرة

أنت بما عندك راض

saleh altaeiإضاءة من القرآن الكريم بمناسبة التفجيرات الإرهابية الأخيرة التي ضربت مدن الشعلة والصدر والمقدادية، وأودت بحياة عشرات الأبرياء العزل، وهي تفجيرات نفذتها داعش ولكن هناك من دعمها وساندها وقدم العون لها لكي تتجاوز كل السيطرات الأمنية وتصل إلى أهدافها دون أن يكتشفها أحد.

إن الذين قاموا بتفجير أجسادهم النتنة لقتل الأبرياء لم يضحوا بأرواحهم وبأرواح الأبرياء حسب ظنهم إلا لينالوا رضا الله تعالى حسب معتقدهم، ولقد بحثت في كتاب الله كثيرا فلم أعثر على نص يبيح لهم ذلك أو يبيحه لأي إنسان ولأي سبب. نعم عثرت في نصوص الإسلام السياسي على ما يشجعهم على ذلك، ولكن أين الإسلام السياسي من إسلام محمد(صلى الله عليه وآله) لكي نترك إسلام الله ونتبع إسلام السياسة؟ ألا يعني ذلك أن هذا العمل الخسيس لا يجد نصا يدعمه أبدا. وأنه مبني على باطل، وما مصير من يقوم به إلا الخسران المبين؟

أما الذين ملئوا رؤوس الإرهابيين بهذا الوهم من وعاظ السلاطين والإفتائيين الجهلة ورجال الدين الأغبياء فلن يكون مصيرهم بأفضل من مصير من نفذ، وسيجدون الذين نفذوا أمامهم في قعر جهنم ينتظرونهم لينالوا سوية جزاءهم العادل.

لهؤلاء وهؤلاء أقول قولي هذا وأسأل الله أن يهديهم إلى معرفة الحقيقة لا خوفا عليهم ولكن لكي لا يرتكبوا حماقات جديدة، أقول لهم، وأنا آسف لأني استخدمت كلمة (أخي) لأن عقيدتي وأخلاقي لا تسمحان لي باستخدام المفردات التي يستخدمونها:

أخي يا من تحرض على قتلي، وتدعو إلى ذبحي وتفجيري لترسلني إلى النار، وتذهب لتتناول الحلويات والمقبلات مع النبي(ص)، قال تعالى: {وكل حزب بما لديهم فرحون}[[الروم:32]] وأنت حزب وأنا حزب، فدعنا نفرح بأحزابنا، فأنت اخترت حزبك ومشربك الذي ترتوي منه بعمى أو بعلم أو بتقليد لا أكثر، وأنا علمت مشربي واخترته عن علم ويقين، وقد قال تعالى: {قد علم كل أناس مشربهم}[البقرة:60] وحتما سيكون عملنا من سنخ مشربنا، فإن كان مشربنا عذبا سيكون عملنا عذبا وإن كان ملحا أجاجا فسيكون عملنا مرا لا يروي ولا يشبع، وأنا لا أدعو إلى ذبحك ولا أسعى إلى تفجيرك وهذا دليل على عذوبة مشربي، قال تعالى: {قل كل يعمل على شاكلته}[الإسراء:84] فماذا تعني دعوتك لذبحي؟

نعم رأينا مختلف، وأنا بما عندي راض، وأنت بما عندك راض والحكم الفصل بيننا قوله تعالى: {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه}[الزمر:18] فلماذا تترك حسن القول وتدعو إلى ذبحي وتفجيري؟

إن الفرق بين الحق والباطل أن أتباع الحق لا يتخذون إلههم هوى، قال تعالى: {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه}[الجاثية:23] فلماذا تريد ذبحي لمجرد أني أختلف معك في بعض فروع المعتقد لمجرد أنك اتخذت هواك ربا؟

وإذا ما كان هنالك قانونا يبيح لك ذلك، فمن العدل والإنصاف أن القانون الذي يبيح لك ذلك يبيحه لي أيضا، وأنا فتشت وفتشت فلم أجد كلمة واحدة تبيح لك ذبحي أو تفجيري، أو تبيح لي ذبحك وتفجيرك، ومعنى هذا أنك لا تعرف القانون ولا تستند إلى رأي راجح، فدعني أعمل على شاكلتي وأعمل أنت على شاكلتك وسنلتقي هناك عند الحكم العدل وإليه ننيب أمورنا فيحكم بيننا، فلا تكونن من الخاسرين.

 

صالح الطائي

 

في المثقف اليوم