أقلام حرة

رسالة الى دعاة التغيير

المفروض بكل من يريد يدعوا الى التغيير ان يجد اولا البديل ثم يدعوا الى التغيير اما الدعوة الى التغيير بدون ايجاد البديل فانها دعوة الى الفوضى الى الفساد الى الانهيار هذه حقيقة ينبغي الاقرار بها والانطلاق منها

فالذي يدعوا الناس الى عدم استخدام الخيول والجمال في وسائط النقل عليه ان يجد البديل الذي يستخدمه الناس في تنقلهم ونقل حاجياتهم ان يجد البديل مثلا يجد السيارة او اي آلية اخرى اما اذا لم يجد اي شي من ذلك فدعوته مرفوضة وغير مقبولة لانها دعوة مضرة ومؤذية ومن يدعوا لها صاحب نية خبيثة

لا شك ان الحكومة التي جاءت بعد التغيير حكومة عراقية تمثل كل العراقيين ووفق دستور ومؤسسات دستورية لم نر مثلها في كل تاريخ العراق حكومة تمثل كل العراقيين بكل اطيافهم واعراقهم وبكل محافظاتهم

فهناك دستور يضمن لكل العراقيين المساوات في الحقوق والواجبات ويضمن لكل العراقيين حرية الرأي والاعتقاد فكل محافظة تختار من يمثلها ووفق نسبة سكانها وهؤلاء يمثلون الشعب في البرلمان الذي يختار الحكومة ويراقبها ويحاسبها اذا قصرت ويقيلها اذا عجزت

وفي كل محافظة مجلس محافظة منتخب من قبل ابناء المحافظة يختار حكومة المحافظة ومحافظها يديرون شئون المحافظة الادارية والخدمية والامنية

بل في كل حي من احياء المحافظات مجلس بلدي منتخب من قبل ابناء الحي لادارة شئون الحي الادارية والخدمية والامنية

رغم كل ذلك الا اننا فشلنا في تحقيق اي شي ايجابي بل تحقق اشياء سلبية كثيرة لم نحقق اشياء صالحة تذكر بل تحققت اشياء فاسدة كثيرة

 حدثت الفوضى والغي القانون وعادت النزعات العشائرية والقبلية وسيطرت اعرافها على البلاد وانتشر الفساد وتفاقم وضعفت الحكومة حتى اصبحت لا قيمة لها ونشأت حكومات اقوى من الحكومة واصبح لكل شيخ عشيرة حكومة لها علمها الخاص وجيشها واسلحتها واصبح المواطن الشريف الواعي لا مكان له اما ان ينزوي او يشارك في الجريمة في جريمة ذبح العراقيين وتدمير العراق او يذبح على الطريق الوهابية لانه كافر خارج على الملة والشريعة

السؤال لماذا وصلنا الى هذه الحالة من هو السبب اقول صراحة لا الدستور ولا المؤسسات الدستورية ولا الحكومة السبب وانما السبب الاول والاخير هو الانسان العراقي انه غير مهيأ لمثل هذه المؤسسات انه يحتاج الى ممارسة الى تجربة الى تهيئة مسبقا ثم العمل فيها

فالعراقي منذ وجد في الارض كان خاضعا للحاكم الواحد للرأي الواحد الويل كل الويل ان خرج عن الحدود التي يرسمها الحاكم الواحد فالانسان في ظل الحاكم الواحد ينسى الله ويتجاهله لانه يرى في الحاكم الواحد هو الله فهو يغني ويفقر وهو يرفع ويخفض وهو يحي ويميت فلا قيمة لله في هذه الحالة لهذا لا يفكرون بالله طبعا الا قلة قليلة فهؤلاء يخرجون عن هذا النطاق وهؤلاء يذبحون

ومن هذا ان الانسان في ظل حكم الفرد الواحد يعيش خائف متملق لا يثق باحد فكل همه ما يحصل عليه من مكرمة من حماية من الحاكم او احد المقربين منه

وفجأة قامت الولايات المتحدة بانتشالنا من حكم الفرد الواحد والرأي الواحد الى حكم كل الشعب الى اراء كل الشعب

من حكم العائلة والشلة واللا قانون واللا دستور الى حكم الدستور والمؤسسات الدستورية

من حكم العبودية الى الحرية

لا شك ان هذه التغيير غير مقبول من قبل الكثير من الذين جبلوا على العبودية والذل فاعلنوا رفضهم لكل ذلك وقالوا لم ولن نقبله انه كفر انه خارج ووجدوا لهم من يدعمهم ويؤيدهم ويمولهم من انصار العبودية والرأي الواحد في خارج العراق امثال العوائل الفاسدة المحتلة للخليج والجزيرة وعلى راسها ال سعود فأعلنوا الحرب على الحالة الجديدة في العراق على الدستور والمؤسسات الدستورية على الحرية التعددية على حكم الشعب

هناك من يريد التغيير والتجديد لكنه غير مهيأ للعمل في هذه المؤسسات الدستورية فهذه تطلب تجربة مارسة اولا وهذه المارسة ان يتخلى عن قيم واخلاق حكم الفرد الواحد والراي الواحد فقيم واخلاق حكم الفرد الواحد والرأي الواحد ان لا تثق بالاخرين الخوف من الحكم التملق له سيادة الاعراف العشائرية تذبح ضميرك وعقلك وكرامتك تنطلق من مصلحتك الشخصية حتى لو تدوس على مصالح الاخرين

اما اخلاق وقيم الانسان في ظل حكم الشعب المتعدد الاراء الحرية والديمقراطية ان الانسان يخدم الانسان وينطلق من مصلحة الاخرين لا من مصلحته الخاصة لا يعرف الخوف ولا التملق يتمسك بالقانون ويحترمه ويقدسه

للاسف ان الانسان الذي وصل الى هذه المؤسسات الدستورية لم يتخلق بالقيم والاخلاق الديمقراطية بالتعددية بل استخدم قيم واعراف الحاكم الواحد والرأي الواحد وكانت المأسات وكانت الكارثة فكانت اكبر من كارثة ومصيبة الحاكم الواحد والرأي الواحد

 رغم اني لا اثق بكل دعاة التغيير والتجديد والذين يتظاهرون في الساحات فبعضهم له غايات اخرى فاخذ يغطي وجهه حيث وجد في هذه الدعوة وسيلة لركوب الموجة فاخذوا يدعون الى الغاء الدستور والمؤسسات الدستورية فهؤلاء وهابيون صداميون عملاء ماجورين لال سعود لا يعنيني امرهم

ولكن اقول لمن يدعوا الى دولة مدنية الدستور والمؤسسات الدستورية اذا استخدمها من هو بمستواها سنخلق الدولة المدنية

وهذا يتطلب اولا خلق شعب متخلق باخلاق الديمقراطية ومن ثم خلق مسئول قادر على تطبيق الدستور والمؤسسات الدستورية

وهذا يتوقف بالدرجة الاولى على القوى المدنية الديمقراطية

أثبتت الايام ان كل تحركات القوى المدنية لم تثمر ثمرة ايجابية بل ثمرتها كانت سلبية

نأمل ان نكون بمستوى الديمقراطية والتعددية

 

مهدي المولى

 

          

في المثقف اليوم