أقلام حرة

لقد جانب بان كي مون الصواب والحكمة!!

hamid taoulostالحكمة عطية ربانية، ونور عقلي داخلي وخارجي يُنير للإنسان طريقه، وليس بإمكان أي كان أن يكون حكيماً، لأن الحكمة ليست هرموناً نحصل عليه عبر المنشطات، ولا حبة أسبرين نأخذها قبل أن ننام، فنصبح  حكماء.

لا شك أن الأمناء العامين للامم المتحدة الذين تعاقبوا على هذا المنصب الحساس قبل بان كي مون، أتصفوا كلهم بالحكمة والحنكة في قراءة الاحداث والقضايا المطروحة عليهم، والنظر إليها بتمعن بروية، ومنحها الحظ الوافر من التفكير العميق، لتشخيصها ودراستها وتفحصها، حتى يستطيعوا التوصل لها لحلول أنسب ورؤى صحيحة، قبل إصدار أي كلام أو اتخاذ أي موقف بشأنها، بخلاف بان كي مون الذي يبدو أنه تعدل في تصريحاته الأخيرة بخصوص قضية الصحراء المغربية، التي أدلى بها خلال زيارته للمنطقة، لأنه ربما –مع الإحترام الواجب- أقل حكمة وحنكة واتزانا ورزانة ممن سبقوه، بتجاوزه دوره الحيادي والمهمة المعهودة إليه لإيجاد تسوية للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وسقوطه في "انزلاقات لفظية غير ملائمة سياسياً، وغير مسبوقة تاريخيا لدى أسلافه، خين استعماله مل يخرج عن المرجعية الاصطلاحية المعتمدة من قبل الأمم المتحدة والمخالفة لقرارات مجلس الأمن، الأمر الذي أغضب الشعب المغاربي الذي يؤمن بأن الصحراء قضية وجود، وليست قضية حدود، وأنها مغربية مهما غرد السي بان كي مون خارج السرب، ودفع بالحكومة المغربية، للأعراب عن احتجاجها القوي على هذا التصرف الأرعن الذي اعتبرته تخل منه عن حياده وموضوعيته وعن عدم انحيازه، وتساهل مدان مع دولة وهمية تفتقد لكل المقومات،

وبذلك يكون بان كي مون قد جانب الصواب بأقوال وافعال بعيدة عن الحكمة التي يجب أن يتحلى بها مسؤول أممي رفيع مثله، حتى يتمكن من دراسة نفسية وعقلية وظروف كل من يتعامل معهم، فلا يهدد بتقويض المفاوضات ويعرقل الحلول السلمية الوازنة والجدية التي قدمها المغرب لإيجاد حل عادل ودائم لقضية الصحراء المفتعلة، عبر منحه أقاليمه الجنوبية حكما ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية، والتي حظيت بإشادة دولية على نطاق واسع، وقال عنها مؤخرا الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال في لقاء مع الصحافة ان " مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2007، يشكل بالنسبة لفرنسا قاعدة جدية تحظى بالمصداقية، من اجل التوصل الى حل متفاوض بشأنه" لقضية الصحراء، والذي كان حريا ببان كي مون أن يساهم من موقعه الأممي في دعمه، بدل التحيزه السافل للأطروحة الانفصالية التي لا تلقى قبولا من طرف المجتمع الدولي وكل الدول التواقة إلى السلم، وهو خطأ السياسي والدبلوماسي فادح، سقط فيه وأسقط معه الأمم المتحدة في الحرجه على بعد شهور من مغادرته منصب الأمين العام .

إن تصريحات الأمين العام الأممي، التي تنهل من قاموس غريب وهجين من القانون الدولي والدبلوماسية الرفيعة، وإن كانت مفاجئة وغير منطقية وغير عادلة، فإنها لن تؤثر على موقف المغرب الذي يشق طريقه بثبات، بفضل حنكة وتبصر ملكه محمد السادس ووحدة صف الشعب المغربي وترفعه عن ممارسة الابتزاز في قضية يشهد التاريخ والوثائق والروابط الإنسانية وأحكام محكمة العدل الدولية بلاهاي، الدراع القضائي الأساسي لمنظمة الأمم المتحدة، على أن الأقاليم الجنوبية للمملكة أرض مغربية، وستبقى مغربية بالرغم من أي كان ..

 

حميد طولست 

 

في المثقف اليوم