أقلام حرة

نحن جيل لايريد أن يعتذر من صدام

nabil ahmadalamirليكن معلوماً لكل من سيقرأ هذا المقال نحن لا نُمجّد الأشخاص، لكننا نُقيّم المواقف .. لأننا نحب العراق .

فقد يظن البعض أننا ممن يُمجّدون الطاغية الملعون .. لأننا سنقارن دولته، بدولة هواة السياسة والإدارة والحكم .

لذلك نتمنى على الجميع أن يكونوا على قدر عالي من المسؤولية والوعي وهم يقرؤون هذا المقال .

ومن هنا اُسجّل أن كثيراً من الجمل والتوصيفات التي ستقرؤونها في المقال، هي جُمل وتوصيفات الشيخ صادق الحسناوي، خطيب جمعة الكوفة .

فعندما يكتب خطيب جمعة الكوفة ويقول ..

تولّت حكومة العراق الشيعية تشويه التشيّع ..

فيما تولت داعش تشويه التسنّن .. وهم وجهان لغول واحد، يخترق الاسلام ويؤديان مهمة واحدة هي خرق جدار الإسلام من الداخل ..

وعندما يقول .. عجيب امرك ياعراق .. فيك انتقام الله .. وفيك عبث الطغاة .. وفيك تبدو المهلة إهمالاً حتى ينبثق الفجر بصدق الوعيد وبؤس الأحلام ..

 

ويقول .. ‏افعال الساسة العراقيين بعيدة عن الله .. وبعيدة عن المواطن .. ومحرقة للوطن وضياع للهوية .. ويسأل .. هل أصبح حزب الدعوة في ذمّة التاريخ ..؟ وهل من الممكن إنشاء محكمة محلية أو دولية نحاكم بها فاسد نهب المال العام (في إشارة للشيخ والأب الروحي لحزب الدعوة)، لأنه بنى أعلى بناية في إيران أمام مكتب المرجع ناصر مكارم الشيرازي ..؟ وهل من المقبول أن يَكتب سياسي فاشل مذكراته (في إشارة لباقر صولاغ الزبيدي) ليكون عنواناً لجيل من الفاشلين ..؟ (والقول لازال للشيخ الحسناوي) ليختتم ويقول ويسأل ..

هل سنعتذر لصدّام يوماً ما؟

فعندما يقول كل هذا القول وأكثر، مُجاهد ومقاوم للطغاة والإحتلال .. ويقارن واقع حاله مع حالٍ كنا نظن أن لامثيل لسوئه ..؟

فهل هذا يعني أننا بدأنا بالنظر الى الوراء ..؟ أم بدأنا بتقييم وضعنا بصدق مع النفس ..

لتغيير الواقع وقبله النفس ..؟

فالله لايغيرُ مابقومٍ حتى يُغيّروا مابأنفسهم .

 

يقول الشيخ الحسناوي ..

إن كراهيتنا لصدام التي نشأت من دمويته وبطشه، وبوليسية الدولة في عهده، والغائه للاخر مهما كان موقعه واثره، تمنعنا دائماً من النظر الى الوجه الاخر للدولة والى التساؤل ..

كيف كانت الدولة في زمن الطاغية الملعون ؟؟ نعم .. فهو عدو .. لكن أما ينبغي ان ننظر لعدونا بموضوعية .. أما كان يجب على من يخلف الطاغية ان ينظر في صحيفته فيتجنّب جرائمه ويتجاوزها كي لايقع فيها، ويُقلّب منجزاته لينطلق  بالسرعة القصوى ..

وبصفتي عراقياً اعيش وأدرك مايتّصف به أهلي العراقيون، فلست اشك ان الاقصاء والالغاء للاخر هي الصفة التي نتميز بها عن غيرنا من شعوب الارض، لأننا فعلاً تربينا على الاقصاء والالغاء من داخل بيوتنا، وبين جدرانها، والامثلة كثيرة  .. ولم نكن ندرك آنذاك ولحد الآن ان صدام واحد من بيننا يتمثل بصفاتنا وسلوكياتنا .

 

لقد منعتنا الصورة الذهنية عن وجود انبياء كاذبين ووهميين، ان ننظر لصدام بموضوعية ..

منعنا العمى الارادي ان نُدرك ان بغداد كانت واحدة من اجمل مدن العالم في زمن الطاغية، وان العراق دولة اقليمية مؤثرة .. وان الاقتصاد العراقي مُستقر رغم رعونة السياسات الطائشة للطاغية .. وإن اللص والسارق في عهده يُعلّق على اعواد المشانق .. وان الزراعة في العراق تدعمها الدولة .. واننا إنتقلنا الى تصدير البيض والطماطة والفواكه والخضر والاسمنت واليوريا ..

وان في العراق شركة للصناعات الالكترونية، واخرى للاجهزة الدقيقة .. ومصانع عملاقة للحديد والصلب .. والورق .. والبتروكيمياويات .. والمصافي .. ومعامل الألبان والتعليب .. ومصانع للسيارات الصغيرة والحمل الكبيرة .. وغيرها ممن فاتني ذكرها .

وان العراقي ليس مهدداً بالانقراض فالدولة تمنح الشباب سلفة زواج تطفئها تدريجيا عند تسجيل اول حالة ولادة جديدة .. وسلفة إسكان .. وسلفة زراعية .. وسلفة صناعية .. وغيرها ..

وان التعليم مجاني .. والعلاج مجاني ..

والشوارع غيرمنقسمة الى نصفين ..

نصف للسلطة واخر للشعب وانها متاحة للجميع .

 

لم نكن نرى ان الوزير او المحافظ يتبعه العسكر واساطيل السيارات المصفّحة ..

ولم نكن نرى ان اكثر من نصف قادة البعث وقادة الجيش والحكومة كانوا من شيعة !!

كنا نرى فقط وجه الطاغيةً فجاً، يحيط به من كل مكان الالغاز والاسرار والمخابئ السرية  .. رغم انه كان للصورة وجه آخر .. فقد كان كبار السن من المصابين بالامراض المزمنة يستلمون شهرياً وبانتظام علاجهم من العيادات الشعبية بثمن بخس (قدره خمسمائة دينارفقط) .. وهو علاج يكفي لشهر أو يزيد .

لم نكن نريد ان نفهم ان المجرم (محمد مهدي صالح) وزير تجارة صدام قد نظّم البطاقة التموينية للعائلة العراقية .. واصبح كل فرد يستلم حصته شهرياً بانتظام، والويل كل الويل لمن يتلاعب بقوت الشعب .

 

كنا نرى أن وزير خارجية صدام (الكربلائي سعدون حمادي)  يتكلم بلغة دبلوماسية وبلباقة ولياقة لاهوادة فيها .. فلم نكن نريد ان نفهم ان سعدون حمادي شخصية سياسية بامتياز، وعقل سياسي قل نظيره ومن دواهي السياسة والدبلوماسية .. عكس من أضاع هيبة ومكانة العراق بين العرب والدول، وملأ سفاراتنا بسفراء يُؤمنون بضرورة إستقلال كردستان عن العراق .

 

لم نكن نريد أن نفهم أن وزير نفط صدام (الشيعي عصام عبدالرحيم الجلبي )، هو خبير نفطي دولي، هو من خطط لتأميم النفط بالعراق وطرد الشركات الأجنبية، لتعود كل وارداته للعراق، عكس من رهن نفط العراق ولعقود قادمة للشركات الأجنبية .. ودمّر منظومة الكهرباء الوطنية بالعقود الوهمية والهزيلة .. وإسقط التعليم العالي العراقي من جداول الجامعات العالمية .. ليتسلّم أخيراً ملف الزراعة بالوطن !!!

 

نعم .. أعدم الملعون صدام السيد محمد باقر الصدر وأخته الطاهرة بنت الهدى ..

واغتال السيد الصدر الثاني ونجليه

وضرب الشعب بالمدفعية والدبابات والطائرات وحاصر الشعب بالنار والحديد ..

لكنه لم يقتل فكرهم، لأن الأفكار باقية لاتموت .

 

أما أنتم .. ماذا فعلتم للوطن والشعب ..؟ فهل لإجرامكمِ فضل على إجرام صدام ..؟ الا بالزيادة والسبق ؟؟؟ هل إهتزّت ضمائركم وانتم تجلبون الموت والدمار والخراب للعراقيين من البر والبحر والجو ...ولم يخالجكم الخجل وانتم ترونهم غرقى في البحار، او تائهون ضائعون في المطارات وبلدان الدنيا .

ماذا قدمتم للاسلام ؟

ماذا قدّمتم للتشيّع والشيعة ؟؟؟

بماذا أثريتم للوطن ؟؟؟؟

 

لقد تفوقتم على صدام في كل جرائمه، وفشلتم ان تجاروه في منجزاته، وانتم بهذا تمهدون لعودة صدام رمزاً وطنياً، وتكتبون له صك المجد وقد قضى التاريخ ان تُمجّد الاجيال اللاحقة من لم تعش تحت حكمه من الحكام ..

فإستحقتم المقولة ..

(ضخّم الله وجوهكم لأنكم بيّضتم وجه صدام) .

 

انتم لاتمهدون لظهور ألإمام المهدي ولا لدولته .. انكم تمهدون لعودة البعث، وليس هذا ببعيد في وطن يقوده الاغبياء والمجانين والجهلة، ومن لصق بهم عار التاريخ بلا منازع .

فأنتم لستم بشيعة أمير المؤمنين ..

لأنكم لم تتخلّقوا بإخلاقه .

 

وهنا نستدرك العنوان لنقول ..

بات من الواجب عليك يادولة الرئيس العبادي الاّ تصغي لنصائح الأغبياء والجهلة من حزبك والذين يصوّرون أنفسهم بالعقلاء والأذكياء ..

فانهم يفكرون خارج الزمان، وخارج المكان .. ونخاف أن يجرّوك معهم .

وعليك الا ترى وتركن لمشورة ان التظاهرات كانت إستعراض قوة، وبرهان نجاح للسيد مقتدى الصدر في توجيه الشعب واستنفاره ..

وإنما عليك ان تدرك انك أمام ارادة شعب لن يرضى عن التغيير أو الاصلاح الحقيقي بديلاً، وان الاصلاحات الترقيعية التي أشاروا لك بها، ستكون جرعة تخدير مميتة لك قبل لمن أشارها عليك .. 

فليتك تُسجل اسمك في التاريخ كاحد ابطال السياسة المصلحين  .. وليتك تقرأ وتعي مافعله مهاتيرمحمد في ماليزيا ..

 

انها فرصة كبيرة لاعادة العراق الى رشده وصوابه وركوبه سكة الصلاح والإصلاح ..

فهل تفعلها وتستند الى الشرعية الشعبية لاقرار (شرعية دستورية) يرضاها الشعب ؟؟؟ فأما أن تعيش بطلاً .. أو تموت شهيداً، وهو خيراً من أن يلعنك الشعب والتاريخ وكل من سيعيش على هذه الأرض .

فالتقسيم .. والحرب الأهلية .. والفوضى .. والدمار المُركّب .. والجوع، هي عناوين المرحلة القادمة إن لم تلحق العراق وتضعه على جادّة الصواب .

لذلك .. نلتمس وطنيتك وعراقيتك التي نتأمّل أنها لازالت تعيش بك ..

وتأكد أنه النداء الأخير .. نقول لك فيه ..

نحن جيل لايريد أن يعتذر من صدام !!!!

 

والله من وراء القصد .

 

في المثقف اليوم