أقلام حرة

أقلام أجدادنا!!

ما تخطه أقلامنا المعاصرة يبدو مخجلا ومضحكا  أمام ما خطته أقلام أجدادنا، وسطرته في أمهات الكتب العربية، التي فيها مشاعل فكرية منورة بالإدراك الأعلى، والمعارف النورانية الساطعة المتدفقة من عيون اليقين والبرهان.

ما نكتبه ينم عن السذاجة السائدة والأمية القائدة وضعف البصيرة الراقدة، وكأننا نكتب بمداد الذل والهوان والتبعية، وتعِبُّ اقلامنا من دواة الضلال والبهتان!!

كتابات مشينة مخزية، تختزن السفاهة والبلاهة، وتسعى للتعبير عن مطمورات أمّارات المساوئ والبغضاء والكراهية، والأحقاد على جوهر القيم والمبادئ الإنسانية.

ونسميها كتابات وما أدراك ما هي، إنها لسقر بنت سقر المتأججة الحامية، التي تريد أن تحيل كل مخلوق إلى رماد في مواقد الأنانية والإنفعالية الحمقاء الداهية.

كتابات يلعن الله كاتبها وناشرها وقارءَها وكل مَن يساهم في التعريف بها، لأنها تنضح بما يناهض الحياة ويدمر منطلقات الأخوّة الإنسانية، ولا تحتوي على فكرة ذات قيمة، ولا مفردات طيبة، وإنما هي الكلمة الخبيثة المرة العلقم، التي تقاتل قيم الحياة والمحبة والرحمة والرجاء والأمل.

وبينها وبين ما خطته يراع الأجداد مسافات شاسعة، وفوارق واسعة، فما تجده في كتب الأجداد أفكارا إنسانية ذات قدرات تفاعلية مع أطيب ما في دواخل النفس البشرية، وبها قدرات تحفيز وتخليق لمفردات القوة والعزيمة، والألفة الكفيلة بصب الجهود في بودقة عطاءات أصيلة نافعة لخلق الله أجمعين، وهي تحث على أحسن السلوك وأفضل التفاعلات بين الناس، لتتمكن البشرية من ترجمة معانيها الإنسانية بأرقى ما تستطيع.

كتابات أجدادنا ذات آفاق سرمدية، وتحتوي على جواهر الأفكار الكونية، وتستنبط من قوانين الوجود ما يؤهل الإنسان للتفاعل المتوافق مع إيقاعات الدوران الكوني، والمعارف الفياضة المتفاعلة في رحاب المكان والزمان المطلق.

 

كتابات أجدادنا نضح عقول إنسانية عالمية متسامية محلقة في فضاءات الجوهر، وعروش البرهان الساطع واليقين الوادع المتلألئ بدرر أبجديات أكون!!

وإنّ أجدادنا ليخجلون منا، إذ أصبحنا أعداءهم لجهلنا بهم، فلا أحد من ولاة الأمر والسلطان قد قرأ ما كتبوه، ولو أن أحدهم وعى ودرس ما في خزائنهم وموسوعاتهم الإدراكية، لأصبحت الأمة في أحسن الأحوال، لكنه الجهل الوخيم والأمية الخانقة، والإستهتار بالهوية والذات والتأريخ، والسذاجة  والحماقة وسوء التدبير، وقلة العقل وضعف النفس وإنعدام الروح، وإنحراف الالباب المحشوة بسوء الظنون.

وتلك هي زبدة المآسي العربية الدوّارة على أكتاف أجيالٍ أهملت جواهر خزائنها المعرفية، وإستعبدها النفط الأسود، فأنجزت ما هو أسود!!

 

د-صادق السامرائي

في المثقف اليوم