أقلام حرة

التيار المدني يعلن موته

كنا نتوقع للتيار المدني التطور والتقدم لانه يجمع كل القوى العراقية التي تدعوا الى حكومة مدنية حكومة القانون والمؤسسات الدستورية حكومة تضمن لكل العراقيين المساوات في الحقوق والواجبات الا ان هذا التيار لم يتقدم ولا خطوة واحدة الى الامام واتضح بانه مصاب بمرض المصالح الشخصية متكون من عناصر متنافسة متصارعة في ما بينها على لاشي ولا تزال في عقلية ما قبل اكثر من نصف قرن انها وحدها الشريفة العفيفة اما غيرها فليس لديهم شرف ولا عفة لهذا فرأيهم هو الصحيح الاصح وعلى الجميع الاقرار بها وعلى الاخرين تغيير آرائهم والا فلا يصلحون لا يدرون ان هذه النظرة فشلت وتلاشت ولم يعد احد يشغل نفسه حتى مجرد ذكرها

يعني نحن في مرحلة استخدام العقول لا الأيدي والسيوف

يعني اننا في زمن تلاقح الافكار لا تصارعها

يعني ان الانسان تحرر من الايدلوجية وقسوتها واصبح خاضع لعقله فقط

يعني الجميع مخلصين وصادقين اذا طرحوا وجهة نظرهم واحترموا وجهات نظر الآخرين ودائما الحكم للمحصلة النهائية لهذه الافكار والوجهات النظر يعني لا يوجد انسان وحده يملك الحقيقة كل الناس تملك نسبة معينة وهذه النسب تتفاعل تتلاقح لا طبعا تتصارع فالافكار اذا تلاقحت اثمرت افكار اكثر تطورا وتقدما والويل لنا اذا تصارعت انتجت افكار الظلام والوحشية

يعني مهمة التيار المدني الاولى والاخيرة هي ترسيخ ودعم الديمقراطية وصنع انسان ديمقراطي اي يتخلق بالقيم والاخلاق الديمقراطية ومن اول اسس الانسان الديمقراطي هو احترام رأي الاخرين هو طرح رأيه بقناعة ذاتية لا خوفا من احد ولا مجاملا لاحد وفي نفس الوقت يستمع الى اراء ووجهات نظر الاخرين ويحترمها ويثق بها عليه ان يرفع عبارة الفيلسوف الفرنسي نعم اختلف معاك في الرأي لكني على استعداد ان اموت في سبيل رأيك

للا سف الشديد ان التيار المدني منذ ان بدأ لم يتمكن من رؤية الاوضاع الموجودة برؤية واضحة والتحرك بموجبها فكانت حركاته ومواقفه غير عقلانية غير مدروسة فاشلة لم ترفع من مستواه وتزيده اتساعا بل العكس تماما لانها لم تنطلق من فهم ومعرفة دقيقة للواقع وتنطلق منه كان المفروض به اي التيار المدني ان يكون طبيب ماهر يشخص الداء ثم يوصف الدواء الا انه كان غير ذلك فكانت كل مواقفه غير موضوعية منطلقة من رغبات آنية وعواطف وانفعالات مصدرها الفعل وردة الفعل يدفعها المصالح الشخصية والنزوات الفردية والكسب الشخصي فمثلا كان اول المؤيدين لاعتصامات الانبار رغم ان هذه الاعتصامات كانت ترفع اعلام ال سعود وال ثاني واردوغان وصدام ويعترفون بانهم القاعدة ويهددون اهل بغداد بالموت او الرحيل

كما ان هذا التيار اقتصر على المناطق الشيعية بغداد مدن الوسط والجنوب لا علاقة له بالمناطق الشمالية او المناطق الغربية لا ندري السبب لم يسمح له بالعمل فيها او انه كلف بالعمل في هذه المناطق

والدليل ان التيار المدني لم يحتج لم ينتقد مثلا تصرفات البرزاني الغير دستورية والمتحدية لارادة ابناء الاقليم والمخالفة الصريحة للدستور والشرعية 

فالبرزاني فرض نفسه بالقوة على ابناء الاقليم رغم انتهاء فترة حكمه وعندما طالب ابناء الاقليم البرزاني الالتزام بالدستور فتصدى لهم وذبح اكثر من 180 شخص بين جريح وقتيل والغى البرلمان ومنع رئيسه من دخول البرلمان بل من الوصول الى البرلمان واغلق الفضائيات ومقرات الاحزاب والصحف لم نسمع ولا كلمة واحدة للتيار المدني لماذا

 كان المفروض بالتيار المدني ان يجمع كل دعاة المدنية كل من يريد دولة مدنية عراقية واحدة من كل المحافظات ومن كل الاراء في العراق ويكون شعارهم عراقي انا وانا عراقي خاصة في هذه الفترة الحرجة ويثقف العراقيين بالثقافة الديمقراطية والدعوة الى التمسك بالدستور بالمؤسسات الدستورية ويكون الحكم على القوى الاخرى من قرب او بعد تمسك او عدم تمسك هذه القوى بالدستور والمؤسسات الدستورية بالديمقراطية والتعددية الفكرية فان ذلك يعتبر الارضية الصحية والقاعدة الرصينة التي ينموا عليها وبها التيار المدني فلا القوة المسلحة والعنف يحقق ذلك واعتقد التجارب الماضية اثبتت ذلك

فالديار المدني دخل في متاهات ادت به الى التراجع والافلاس الجماهيري بل ادى به الى الموت عندما جعل من نفسه مطية لمجموعة لا ثوابت لها تقول له خلي آراءك في جيبك

الحقيقة ان هذا الموقف لم ولن يستمر سوف يتراجع او يكتسح من قبل داعش الوهابية وفي كلا الحالتين موت التيار المدني

وبهذا من الواجب ان ننعي التيار المدني انا لله وانا اليه راجعون

 

مهدي المولى

 

 

في المثقف اليوم