أقلام حرة

حكومة التكنوقراط هل هي الحل في ظل المحاصصة الحزبية؟

ahmad fadilalmamoriأن الاوضاع التي عصفت بالعراق بعد 2003 كانت عملية هدم للمؤسسة العراقية الفنية واحلال بديل جديد يقوم على المتناقضات الاجتماعية والقومية والدينية في ظل التحزب الجديد بمغريات الامتيازات من اجل تفتيت وتجزئة العراق الى طوائف واعراق متصارعة ،اولا  وبدأ عملية الفساد الكبرى من قبل الامريكان والشركات الامريكية التي مولت الحرب على العراق منها شركة هاليبرتون التي كان يرأسها نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني والتي استحوذت على عقود اعادة اعمار العراق بمئات المليارات وتجزئة هذه العقود الى مقاولات ثانوية بمساعدة الجيش الامريكي ووسطاء امريكان و أوربيين ومن ثم مقاولين عراقيين فاسدين ومدرجين بالقائمة السوداء ،ثم تشكلت الحكومات العراقية بترتيب استحواذي مخجل ومعيب من الاحزاب الاسلامية التي مثلت الشيعة والسنية والحزبين الكرديين من اجل تقاسم الغنائم في عراق ما بعد الاحتلال وادخال الشعب العراقي في حلقات المؤسسات الدولية الناهبة للشعوب وهما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي  من اجل برامج القروض الدولية .

كانت حكومة التوافق وحكومة الشراكة وحكومة المحاصصة هي من مثلت الاصطفآفات والمصالح الحزبية التي استولت على مقدرات دولة اقليمية كبيرة بمواردها وتعتبر من دول العالم الثاني بمقدراتها ومواردها البشرية والاقتصادية ولكن رغبة المحتل الامريكي وتوافقها مع السياسة الخارجية الامريكية و دوائر القرار الامريكي بنخر جسد المجتمع العراقي بأفة الفساد المالي والاداري وهو البديل النوعي لتواجد قوات عددية كبيرة  لهدم المؤسسات والمجتمع والكل شارك من احزاب  السلطة ومنظمات  وأعلام ونخب لتصل حالة الفساد الى المؤسسات السيادية لتكون شبكة الفساد المالي والاداري والتنظيم مرتبط بكل الحلقات التي تشبه الاخطبوط  والمرتبطة بالمصالح الحيوية والمتداخلة حتى يصعب النهوض بأي اصلاح شامل في المستقبل وفعلا حققت هذه السياسة الغرض المنشود منها . 

أن عملية الاصلاح التي يجب ان تكون شاملة تبدا من اعلى المناصب الى أدنا المناصب  بعملية كنس شاملة يقودها شعب ورجال مصلحون تجردوا من كل مغريات الحياة الدنيوية والارتباطات والامتدادات الثانوية ويضعون  أنفسهم في معيار المساوة مع الذين استلموا مناصب وامتيازات في ميزان القانون وشمول كل الاسماء التي خاضت اعمال او ادارة او رقابة بتكليف مهني  أو امتياز محاصصة حزبية تحت معيار الاستبعاد من التشكيلة الجديدة أو الذين لهم شبهه فساد مالي أو اداري ونشر اسمائهم الصريحة والكنى والاسماء الحركية الحزبية من الذين اثرٌ على الصالح العام وحتى المشمولين بالعفو العام أو الخاص السابق  أو المستبعدين من المسائلة القانونية بحكم الرعاية التفضيلية لهم من جهات أو شخصيات أو احزب  لتكون عملية الاصلاح حقيقية  وتنشر في موقع خاصة كل الاسماء التي تورطت في عمليات فساد وتشمل الكل بدون استثناء ،وهي اولى عمليات الاصلاح في جسد العراق المنهك من آفة الفساد والعملية يجب أن تخضع لإيمان العراقي وحتمية التغيير الذي ينبع من الايمان بالنفس والتاريخ والوطن الجريح .

 أذا عملية الاصلاح التي يريدها الشعب العراقي لا تقتصر على تغيير وزاري جزئي وتصويت برلمان عليها وانما تشمل عملية كبرى لان تاريخ وجغرافية وحياة الملايين من العراقيين مهددة بالفناء والازالة من الخارطة السياسية نتيجة عوامل ومسببات خارجية وداخلية ولكن الرؤية الداخلية يجب ان تشمل رؤية العراقي المواطن البسيط  ولا تشمل رؤية حزب أو مذهب أو مصالح  فئة لأنها مهددة بحكم الوطن وهو هدم مستمر ومترافق مع القتل اليومي في عمليات التفجيرات والاغتيالات لشعب أعزل في المدارس وملاعب كرة القدم  والاسواق والشوارع ونقاط التفتيش والمؤسسات الصحية دون وجود بادرة لوقف النزيف اليومي والمستمر لهذا الارهاب الاعمى .

أن الاصلاح العراقي يجب أن يكون ذات أبعاد مستقبلية وليس اصلاح مرحلي مجرد  تبادل ادوار في  وزارات أو هيئات لجهة  أو حزب  والا تصبح هذا الاصلاحات مجرد تغيير شكلي لا تعطي مردود ايجابي او فاعلية أو تحسن على مستوى الاستقرار الامني أو السياسي أو الاجتماعي التي هي حلقات مترابطة في جسم أي دولة تنشد الاستقرار والامن والرفاه ،في ظل وجود فساد كبير ومستشري بشكل غير مسيطر عليه من القمة الى اسفل الهرم .

أن تشكيل كابينة وزارية من التكنوقراط والفنيين برئاسة رئيس مجلس الوزراء من المنتمين من الاحزاب التي أدارت العملية السياسية في المرحلة السابقة لا يغير من المعادلة في عملية الاصلاح وانما هذا اصلاح يعوزه الكثير ، سوف يبقى الفساد المالي والاداري ببقاء احزاب السلطة التي جاءت مع الاحتلال الامريكي والتي فشلت في ادارة كل الملفات السياسية والخدمية والاقتصادية واليوم عندما تعلن تشكيلة الوزارية الجديدة في ظل المحاصصة الحزبية تكون قدرة وارادة هؤلاء الوزراء في ادارة وزاراتهم ضعيفة قلقة لا يستطيعون العمل بحرية كبيرة ولا يمكن ان يحدثوا اثر فاعل في تقديم خدمة عابرة لرغبة الشعب ومخالفة توجهات الاحزاب التي تدير العملية السياسية والتي تسيطر على  الاقتصادية بشكل كلي ،أذا وابتدأ هذه حلول شكلية لا يمكن ان تصمد في وجه الرغبة التي تكتنف المواطن في تحسين واقعه الاجتماعي والاقتصادي وانعكاس ذلك خلال فترة قصيرة وليست فترة طويلة حتى يؤمن المواطن بالتغيير والاصلاح الذي يرغب به وينشده وليس مجرد تشكيلة لحكومة تهدأ من الاوضاع بشكل مؤقت لاستيعاب الصدمة  .

 

المحامي أحمد فاضل المعموري

 

في المثقف اليوم