أقلام حرة

تدبير الشأن المحلي رهين بمصداقية المنتخبين

hamid taoulostغريب هذا الزمان الذي نعيشه، والأغرب منه أولئك الذين نعيش بينهم ومعهم، والأكثر غرابة من هذا وذاك، أولئك الذين يتولون شؤوننا العامة، باسم الديموقراطية وعبر صناديقها، ثم ينشغلون عن تدبيرها بمصالحهم الشخصية والعائلية والعشائرية، و"كيديوها في عرارمهم"  دون أن يكلفوا أنفسهم الاهتمام بـ "عرارم " من انتخبوهم المتراكمة، ضاربين مشاكلهم بعرض الوحائط، رغم ما وزعوه من وعود مدغدغة لمشاعر المواطنين، الذين كانوا يصدقون منها ما لا يصدق، كالعمل على تخليصهم من النفايات "المكركرة" في مجالهم البيئي الذي أوجده الله وجعله ماهدا لهم .

موجب هذه المقدمة،التي يمكن أن تبدو للبعض سوداوية، لكنها ضرورية لتسليط الضوء على مكامن الخلل في بعض مسار تدبير الشأن المحلي، بغية تنبيه المسؤولين عليه، وتحفيزهم، إما للدفاع عن سياساتهم وتبريرها،إن كانت صحيحة وصالحة، وإما للاضطرار لإصلاحها، إن كانت خاطئة، حتى لا تضيعت على الجماعات المحلية والوطن فرص تمينة لخدمة المواطن واخراجه مما يعيشه من أزمات،تساهم في احتدادها ما يتشبع به جل مستشاري الجماعات  من فردية وتشتت، والتي كانت ملمحا واضحا لتدبير شأنها في الماضي، ولازالت تعيشه أكثريتها إلى اليوم، بسبب ضياع بوصلة الرؤى السليمة، وغياب البرامج الموحدة، المؤدية لتنمية مواطنيها على أسس مؤسسة على مسارات وأجندات واضحة المعالم، لخدم الوطن والمواطنين، واخراجهم من أزماتهم، الأمر الذي لا يحتاج من منتخبيهم،  من كل التيارات السياسية، وكافة التوجهات والأيديولوجيات، المعارضين منهم والموالين لرؤساء المجالس، إلا أن يعوا دورهم المصيري، ويتفقوا - بعد الفوز ولمدة ولايتهم-على منهج توافقي لا انتهازي ولا انفرادي، يعتمد خطط وبرنامج عمل موحدة، تقدم على القضايا المتسمة بالمشخصنة، والصراعات الهامشية التي تشتم منها رائحة التمييز الطائفي والفئوي، والجلجة والصراخ والعويل، والتجاوزات الفردية وباقي السلوكات اللاأخلاقية واللاسياسية التي لا قيمة لها، التي تعوق ترجمة طموحات وأفكار ورؤى المستشارين ذوي النوايا الحسنة والرغبة في العمل، إلى نتائح ملموسة على الأرض وفي الواقع السياسي للجماعة والبلاد، وتحول دون مساهمة ذوي الكفاءات المتميزة، في الرقي بالمعمل بالجماعات المحلية، إلى فعل سياسي بعيد عن السلبية والانطوائية والعزوف، وقمع المبادرات ومنع الأصوات المختلفة، التي لطالما فصلت بين قسم هام من شباب بلادنا وبين الانخراط الجاد والمسؤول في قضايا الشأن العام، إذ ليس هناك ما هو أكثر لؤماً ودناءة ولا أسوأ من "صاحب رأي" يرى أن «الوطنية» ثوب تم تفصيله على مقاسه وحده.. عند خياط أفكاره، فيصفق لمنع رأي غيره،  فقط لأنه مختلف معه، كما يفعل، في الغالب الأعم، جل رؤساء مجالس الجماعات، الذين يحولون أي اختلاف مع معارضيهم إلى خلافات، ولو كانوا على حق ويتميزون ببعض الخصال الحميدة التي يفتقدها مَن تولى الرئاسة وأهل لاقتراح المشارع التنموية الرزينة التي يمكن أن تحدث التغيير وتحصن المكتسبات، وتقف في وجه التحديات والمخاطر، بدوائرهم على الأقل .

 

حميد طولست  

 

في المثقف اليوم