أقلام حرة

من يراهنني؟

تناولت وكالات الانباء مؤخرا خبرا غير عادي على المستوى الدولي ولكنه أكثر من عادي على المستوى المحلّي في عراق الطوائف، وهو تورط مسؤولين عراقيين رفيعي المستوى بقضايا فساد تتعلق بعقود نفطية. وكان موقعا "فبرفاكس ميديا" و"هافنتغون بوست" أشارا الى أكبر رشوة شهدها العالم أبطالها مسؤولون من عراق المحاصصة كالعادة، وفي المقدمة منهم السيد " حسين الشهرستاني" الذي صدّر العراق في عهده وعهد المالكي الكهرباء الى دول الجوار بعد أن إكتفى العراق ذاتيا من الطاقة الكهربائية!!

الرشوة التي كانت بعشرات ملايين الدولارات والتي فرّطت بثروتنا الوطنية أبطالها عدد من المسؤولين العراقيين عهد حكومة الفاشل "نوري المالكي" وعدد من الشركات الاجنبية كما ورد في التقرير، ومن هذه الشركات إضافة الى شركة نفط الجنوب هي شركات  بتروفاك "SBM" الهولندية وشركة ليتون البحرية. وكانت همزة الوصل بين هذه الشركات والمسؤولين المرتشين هي شركة ذات جنسية إيرانية إسمها  unaoil"  التي يديرها شخص إسمه " عطا إحساني" والذي حاول من خلال العراقي " باسل الجراح" الذي يعتبر همزة الوصل بين الشركة الايرانية والمسؤولين العراقيين " الحرامية" من الحصول على رشوة بقيمة 7 ملايين دولار يذهب نصفها "للشهرستاني" من شركة "هيونداي" لتفوز بعقد نفطي قيمته 100 مليون دولار.

بغض النظر عن حجم الرشوة والفساد الذي صاحبها والشخصيات المتهمة فيه فهناك سؤال علينا أن نبحث عن إجابة له وهو، هل الشهرستاني ورفاقه هم الوحيدون المرتشون والفاسدون في العراق؟ لاأظنّ من أن بحثنا عن إجابة للسؤال ستطول كثيرا لنكتشف من أن الفساد والرشوة وتبديد المال العام أصبح ظاهرة منذ تقاسم أضلاع مثلث الشيطان السلطة إثر إحتلال البلد لليوم، وإنّ كبار المسؤولين العراقيين وعوائلهم والمقرّبين منهم هم من نهبوا مئات مليارات الدولارات التي دخلت خزينة العراق، والّا فأين ذهبت مئات مليارات الدولارات والخراب يعمّ البلد من أقصاه الى أقصاه؟

في تقرير لها عن حجم الفساد المستشري بالبلد كتبت صحيفة " الغارديان" البريطانية واسعة الإنتشار قائلة " قادت الطبقة السياسية بالعراق نهبا ماليا للمال العام لمدة 13 عاما بحثا عن النفوذ، وعندما بدأت أسعار النفط تنخفض مؤخرا وتؤثر هي الأخرى على موارد الدولة، تلاشت كل الآمال في تحسن الحكم". إن ما جاءت به الصحيفة ليس بالشيء الجديد على المتابع للوضع العراقي وسرقات مسؤوليه الكبار والمؤسسات الديني وإدارتهم لشبكات مافيوية تهدد حياة الناس وأرزاقهم، فما توصّلت اليه الصحيفة يعتبر من البديهيات في العراق والتي يعرفها المواطن العادي دون حاجته لقراءة تقارير الصحيفة أو غيرها من التقارير.

وكعادة لجنة " النزاهة" التابعة لمجلس النواب العراقي في مثل هذه الحالات وبعد نشر التقرير الذي يدين "الشهرستاني " ورفاقه، فإنه سارع الى تشكيل لجنة خاصّة للتحقيق في التقارير الصحفية حول تورط " الشهرستاني ورفاقه" في ما جاءت به التقارير من إتهامات بحقهم. وهذه ليست المرّة الاولى التي تشّكل فيها مثل هذه اللجان للتحقيق في دعاوى الفساد والرشاوى التي طالت وتطال كبار الساسة العراقيين، فهل ستكون نتائج التحقيق مختلفة هذه المرة خصوصا وإن كبريات الصحف قد تناولت الموضوع عبر كشفها لعشرات آلاف رسائل البريد الألكتروني بين مندوب المتهمين وعدد من الشركات النفطية العالمية؟

إنني وبشكل شخصي أضع حياتي مقابل إتهام الشهرستاني أو أي مسؤول عراقي رفيع المستوى أو أحد من أبنائهم أو أصهارهم  بتهم الفساد والرشوة ونهب وسرقة المال العام، فمن يراهنني؟

على لجنة النزاهة محاسبة فقراء العراق كونهم متذمرون من فقرهم وينتقدون سلطة السرّاق!

 

زكي رضا - الدنمارك

 

في المثقف اليوم