أقلام حرة

قاعدة: أرضيك ياضميري لأخدعك

nabil ahmadalamirنهجر الوالدين .. ونتجاهل وحدتهم وحاجاتهم وعجزهم واشتياقهم، ثم نزورهم آخر الأسبوع، لنتناول عندهم الغداء .. فقط لنرضي ضميرنا بقاعدة .. (أرضيك ياضميري لأخدعك) .

نبخل، ونقتّر، ونخاف على الدرهم، وننسى حقوق المسكين والفقير واليتيم، ثم تأتينا حالة الكرم فجأة، فنكدّس الملابس القديمة في الأكياس لنتخلص منها بحجة التبرع .. فقط لنرضي ضميرنا بقاعدة .. (أرضيك ياضميري لأخدعك) .

ننسى الأصحاب والأحباب، و نغيب عن حياتهم، وظروفهم، وأفراحهم وأحزانهم،، ثم نرسل لهم رسالة على الهاتف تقول (جمعة مباركة ) مع أنها بدعة فقط لنرضي ضميرنا بقاعدة .. (أرضيك ياضميري لأخدعك) .

نقضي الساعات تلو الساعات نأكل في لحوم الآخرين، نغتاب ونفضح العيوب، ونستمتع في كشف الأستار، حتى إذا ما انتهينا .. وتنهدنا بعمق وقلنا : ستر الله علينا و عليهم .. فقط لنرضي ضميرنا بقاعدة .. (أرضيك ياضميري لأخدعك) .

نقصر في تربية الأبناء، نجهل مشاكلهم واحتياجاتهم، نغيب عن عيونهم وعن أحضانهم وعن حكاياتهم، ثم ندخل عليهم بلعبة إلكترونية وبعض الهدايا .. فقط لنرضي ضميرنا .. (أرضيك ياضميري لأخدعك) .

نشاهد المشهد الخليع، ونستغرق في متابعة الأغنية السافرة والمسلسل الهابط .. ثم بعد أن ننتهي، يتمتم لساننا بــ.. أستغفر الله العظيم .. فقط لنرضي ضميرنا بقاعدة .. (أرضيك ياضميري لأخدعك) .

نُصلّي ونصوم ونتحدّث بالدين والمذهب .. ونحضر مجالس العزاء ونبكي ونلطم ثم بعد إنتهاء المراسم تأخذنا الدنيا بمغرياتها وننزلق في إخطائها وخطاياها .. ونقول ساعة لربي وساعة لقلبي فقط لنرضي ضميرنا بقاعدة .. (أرضيك ياضميري لأخدعك ) .

ما أكثر ما نخدع ضميرنا، ونتعامل معه كالمريض الذي نعطيه حقنة مخدر ليرتاح فترة ... بينما مرضه لا يزال مستشريا في الجسد . فلـننتبه .. قبل أن تزداد جرعات التخدير . . فيموت الضمير .. قبل أن نموت ونلقى الله .

 

والله من وراء القصد .

 

في المثقف اليوم