أقلام حرة

أسقطت جوازي العراقي وتنازلت عن حقوق ما يسمى بالمهجرين

akeel alabodأسقطت جوازي العراقي وقررت ان يكون مدفني هنا في بلد امنني من خوف واطعمني من جوع، في بلد أتاح لي المجال ان اكمل دراساتي العليا الخاصة بالماجستير والدكتوراه الأصلية، لا الفخرية، في بلد تعلمت فيه ان للعلم بصمة كما ان للإنسانية بصمات، وكذلك ان للحياة موضوع، وموضوع الحياة هو الابداع، النماء لا الكسل ولا الإذعان ولا البحث عن منصب هنا وآخر هناك.

أسقطت جوازي العراقي يوم أدركت ان لا فرق بين حاكم كبلني بأسوار الموت، وآخر سرق قوتي وقوت عائلتي، قاتل حكمني بالموت ذات يوم، وآخر ساومني بالجوع، فتنحى عن شرف ضميره، فباع كل ما يتعلق بشرف الوطن، لقاء أجور يتبعها وصمة عار على أمد السنين.

أسقطت جوازي العراقي، لا لكي أبيع عراقيتي، بل لكي اشتري ثمن كرامتها بحياتي التي صنتها في بلد الغربة، كرامتي التي تعلمت على أساسها ان أحاسب جميع الضمائر المرتدة على جريمة عدم الاكتراث بميزانية وطن صار مباحا بيعه وفقا لاعراف دستور صنعته لغة المساومة والخذلان .

أسقطت جوازي العراقي لكي لا أمد يدي الى أولئك المترفين الذين تراهم يتنعمون تحت عمائم العار المغموس بالخسة والرذيلة تحت شعارات التدين والدين.

أسقطت جوازي العراقي لأرفع راية العراق استنكارا ضد أولئك  الذين تنحوا عن حقوق أبنائهم بعد ان تمت مصادرتها ظلما وبهتانا لما تم تسميته غصبا حكومة الاقليم، أولئك الذين لم يتوانوا لحظة واحدة لإجبار المتنفذين لتحقيق مطامعهم ، عبر هذا الذي يسمى بحسب الاعلام الحراك السياسي، وهو عبارة عن عراك وشتائم وليس حراكا سياسيا كما يطيب لهم تسميته.

أسقطت جوازي العراقي بعد ان أعلنت امام الملأ انني أتنازل  عن جميع حقوق ما يسمى بحقوق المهجرين، او الصحفيين، اوالموظفين الهاربين او السياسيين، أوما شاكل، هذه الحقوق التي قررت ما يسمى بوزارة الهجرة والمهجرين صرفها للمهجرين او المهاجرين كما يدعى، رغم ان ميزانية العراق هزيلة لا تقوى على ضخ هذه الأكمام من الأموال حتى للمستحقين المسحوقين، خاصة وان الاستحقاقات التي لها الأولوية في هذا المجال تكاد ان تكون اكثر اهمية من غيرها، فالمشردين والفقراء والأيتام والأرامل وصل عددهم وعوزهم ما يفوق هذه الأعداد التي تصرف لها ما يسمى بحقوق المهجرين والذي يكاد البعض منهم ان يكون مترفا في بلد اللجوء.

لذلك لكي أبقى صادقا مع نفسي تنازلت عما يسمى بحقوق المهجرين هذه كونني في بلد اللجوء، والحمد لله لم تنقصني مثل هذه الحقوق، فأنا رغم بساطة الحال، لكنني كما أسلفت في مقالة سابقة احضى بضمان صحي ومعيشي وعلمي، وحتى عند موتي لا احتاج الى التنعم بأموال من هم أولى مني، اي لا احتاج الى التنعم  بحقوق من هم اكثر حاجة مني.

هنا وباعتبار ان للصدق أمانة، قررت ان ارفع لافتة استنكار بوجه جميع من يسمي نفسه متصديا للعملية السياسية، باعتبارها اكذوبة سياسية وليس عملية سياسية.

ولهذا ولكوني لا يشرفني ان انتمي اليهم او ارفع تحية لأحدهم، أسقطت جوازي العراقي، لأعلن عراقيتي في بلد أحسست فيه بانسانيتي. 

 

 عقيل العبود    

 

في المثقف اليوم