أقلام حرة

اطلقوا سراح كل الطلبة المعتقلين

elmrazik almustafaمن نافلة القول أن يشار إلى أن التحول الذي بات يعيشه مجتمعنا ليس عديم الصلة بمسار من أصبح حاكما ومتحكما. قل لي من يحكمك اليوم، وسأقول لك من أنت وما تفكر فيه..!

لقد بات يتضح أن الأفكار والمفاهيم التي تولدت لدينا عبر مسيرة كفاحنا الاجتماعي والسياسي في المغرب، ونظرتنا التقدمية للواقع، وقلاع النضال والمعرفة التي نشأنا فيها وتربينا في أحضانها باتت مستهدفة، تواجه خطرا محدقا وحصارا ممنهجا ومخيفا من لدن تراتبيات جماعية وجماعات منغلقة ومنظمات وعشائر لا ترى المستقبل إلا بمنظار النكوصية.

إن القوى المحافظة المتسترة بالدين وغيرها وصلت اليوم إلى مرحلة الاندماج السياسي، وتواصل زحفها للبحث عن التكيف والانسجام والتضامن مع وظائف وحاجات النظام الاجتماعي الجديد.

و بعيدا عن لغة التنابز والتصادم، لابد من إبراز ما تعيشه الجامعة المغربية اليوم من انعطافة نكوصية لم تشهدها من قبل. ولعل ما أصبح يثير انتباه الرأي العام الوطني هو الهجوم الكاسح على حقوق الطلبة وضرب حقهم في التعبير والاحتجاج على أوضاعهم المزرية التي باتت تنذر بخطرين الأول قديم/جديد، يتعلق بالحق في ممارسة العمل النقابي والتكوين والتأطير المرافقين له، والثاني يهم الوضعية المادية للطالب من سكن لائق ومطاعم ونقل، وكل أدوات ووسائل التربية والبحث العلمي.

إن ما أصبحت تعيشه الجامعة من عنف وعنف مضاد، لم يعد حدثا عارضا، ولم يعد مجرد إجراء مؤقت ومحدود في الزمكان، كما لا يمكن اعتباره شطط في استعمال السلطة، بل على العكس من ذلك. إن القبض على الطلبة بعد تعنيفهم، والزج بهم في السجون ومحاكمتهم محاكمات صورية إنما هو إجهاز على الطليعة السياسية والثقافية الناشئة، وخرق سافر لحقها في الرأي وحتى للقوانين والتشريعات المغربية والمواثيق والاتفاقات الدولية التي تنص على ضمان حرية الإنسان وكرامته. وما يمارس  في حق الطلبة اليوم في فاس وتطوان ومراكش ووجدة  يعتبر نموذجا حيا.

و من أجل وضوح الغرض، وجب إطلاق سراح كل الطلبة المعتقلين، ووقف كل المتابعات في حقهم، والاعتراف بحقهم في الوجود وتحسين أوضاعهم.

إن المحافظون يريدون وضع المجتمع على رأسهم، ويفرضون علينا الاستئناس والمؤانسة مع واقع حكمهم، وهو ما يدعونا للمزيد من الصمود وإبداع كل الأشكال الديمقراطية لوقف شبح الظواهر الواقعية التي يعيد الفكر المحافظ إنتاجها.

كما أن "الإنعاش السياسي" الذي أصبح يحل محل "الإنعاش الوطني"، لا يمكن السكوت عنه، خاصة وأن ما يسمى بالمقاربة الأمنية التي تطبقها الحكومة، ليست مقاربة نزيهة. إنها مقاربة أحادية وانتقائية. وهذا أسلوب بائد في التعامل مع الرافضين لأي سياسة عمومية لا تشاركية ولا ديمقراطية ولا شعبية.

إنها خطة خطيرة، همها صناعة التوترات الاجتماعية هنا وهناك، وخلق وسطاء يتم تدريبهم وتكوينهم وتغذيتهم لإحلال النكوصية داخل الجامعة وخدمة الوعي المزيف في محيطها.

أخير، إذا كان الإقرار  بأن التعليم  هو الذي يحدد لنا الثقافة السائدة في منظومتنا التربوية، فلن نقبل أي عداء ضد المدرسة والطلبة والمدرسين والأساتذة والشعراء والفلاسفة والفنانين. لأن بلوغ المعارف ليس سلعة، واكتسابها ليس كلام عابر في حمام التعليمات الطبقية التي تجرنا إلى تكريس الامساوات وتأجيج الصراع الطبقي حول السياسة المدرسية التي نريد، والتي تتعارض مع  سياسة "اللي بغا يقري ولدو يضرب يدو في جيبو"، بل نريد التعاطي مع التعليم كقضية وطنية لنرفع راية العلم والعلماء كيفما كان دينهم وحسبهم ونسبهم.

 

 المريزق المصطفى

 

في المثقف اليوم