أقلام حرة

جذور الفساد في العراق (2)

mudar alhilwذكرنا سابقا ان المقارنة بين حقبة ماقبل سقوط نظام البعث وما بعده مقارنة غير دقيقة وغير منصفة لعدة أسباب:

اولا: ان الارهاب والتدمير في زمن البعث كان منظما والدولة بحزبها الحاكم هي من تتبنى ذلك فهو مشروعها،  القمع والاضطهاد من قتل وتعذيب وتهجير ومصادرة لاموال وممتلكات الناس والتنكيل بالابرياء كل ذلك من سياسة الدولة ويتم تنفيذه تحت إشرافها فهو مشروعها الذي سخرت من اجل تنفيذه كل اجهزتها وإمكاناتها،  اما ماجرى بعد سقوط الصنم وما زال يجري فبقليل من الانصاف والواقعية نكتشف انه ليس كذلك .

ثانيا: كان الأمل بالخلاص في فترة حكم المقبور صدام مفقودا تماما فقد أحكم هو وعصابته قبضتهم على الحكم فلا أفق للتغيير حتى ان الناس اخذوا يتندرون معبرين عن يأسهم من الانعتاق من حكمه بالشعار (هلا بيك هلا يالجدتك حلا) يقصدون ان النظام باق الى ان يحكم العراق حفيد حلا بنت المجرم النافق،  اما بعد سقوطه فهناك أمل بالتغيير شريطة ان الناس تُمارس دورها الرقابي بصورة صحيحة.

ثالثا: وهو الاهم ان نظام البعث الفاشي هو الذي وضع الاسس والقواعد لما وصل اليه البلد الان من فساد وتدهور حاصل على مختلف الصعد: الأمنية ..الاقتصادية ..الثقافية.. الإدارية ..،  فما من صورة من صور الفساد التي تعصف بالبلد الان الا ولها جذور ممتدة الى تلك الحقبة المظلمة، ولنأخذ مثلا:

1- الفساد الامني: الم تكن مغامرات نظام البعث الساقط في شنه الحروب المدمرة وبلا اي طائل والتي خرج منها جميعا مكللا بالهزيمة والفشل، فمن حرب السنوات الثمان التي شنها على الجارة ايران الى غزوه الظالم للجارة الكويت وماترتب عليه من حروب مدمرة وحصار خانق جائر فرضته الامم المتحدة استمر لأكثر من عقد من الزمان اهلك البشر ودمر الارض وماعليها وماتحتها وصولا الى تحديه الارعن لقوات التحالف وعلى رأسها الولايات المتحدة في عام ٢٠٠٣ وماتبعه من تداعيات مأساوية، أقول الم تكن هذه الأحداث كافية لإنهاء اي قوة وطنية من شأنها حماية الوطن من اي اعتداء؟ هل أبقى صدام للعراق جيشا ام مجاميع من المرتزقة المجرمين (كجيش القدس او الحرس الجمهوري او فدائيي صدام) انهارت امام اول ضرب؟ ألم يعزل صدام اغلب القيادات العسكرية المخلصة لبلدها والحريصة على حمايته؟ الم يجازف بارواح أفراد الجيش وقادته في مغامراته الطائشة؟ الم يتعرض الجيش العراقي الى عملية اذلال من قبل القائد المنصور بالله حين تركه يواجه مصيره تحت ضربات التحالف في الكويت ومازالت ذاكرتنا تحتفظ بصورة الجندي العراقي الذي يقبل بسطال الجندي الامريكي بعد ان أنهكه العطش وصار يهدد حياته؟.

لم تكن المرة التي استبدل بها الجندي العراقي بزته العسكرية باللباس المدني هروبا من مصير غير مؤمن به زُج به على رغم ارادته كما جرى في حرب الكويت لم تكن تلك المرة الوحيدة بل تبعتها مرات عديدة، فقد كان الجيش العراقي والقوات المسلحة عموما تحتضر حين اجهز عليها الحاكم المدني بريمر بقرار الحل. هذا كله ناهيك عما قام به النظام الساقط من عملية تغيير في ولاء ومهمات القوات المسلحة والاجهزة الأمنية فولاؤها صار للقائد الأوحد وليس للوطن ومهمتها صارت حماية النظام من السقوط بدل حماية الوطن والمواطن من اي اعتداء، (طبعا لابد من استثناء بعض المواقف المشرفة التي وقفها بعض أفراد هذه القوات). اضف الى ذلك استيراد مجاميع غير قليلة من السلفيين الإرهابيين من قبل النظام المقبور وفتح أبواب البلد أمامهم ليواجه بهم الحملة لإسقاطه،  وبقي هؤلاء الارهابيون المرتزقة ليشكلوا النواة الاولى للارهاب بعد سقوط النظام .

يتبع

 

في المثقف اليوم