أقلام حرة

العراق بين الازمة والأزمة

nabil ahmadalamirيمر العراق اليوم بسلسلة متواصلة من الازمات السياسية بما يشكل تدهوراً خطيراً خصوصاً في ظل الوضع الدولي والاقليمي المتوتر، ومدى تأثير التغيير السياسي المحتمل في سوريا والمنطقة، والذي سيؤثر وينعكس سلباً على الوضع الداخلي العراقي، وقد يصل الأمر بإهتزاز النظام السياسي والعملية السياسية والمشروع الوطني ككل .

لذلك ومن هذا المنطلق يجب أن يسعى السياسيون الى توحيد رؤاهم وأهدافهم للخروج من عنق الزجاجة وتعزيز أواصر الوحدة الوطنية والتفاهمات السابقة بين الشركاء السياسيين، وتفويت الفرصة عمن يصطاد بالماء الطائفي العكر، وبمعنى آخر ان الوقت والوضع لايسمح الآن بمثل هذه الصراعات والأزمات والتي يدفع فيها المواطن العراقي الثمن، لأن أمن العراق وشعبه خط احمر لايمكن تجاوزه، كما ان تحركات المجاميع الارهابية وتحالف البعث الفاشي معه جعل الاستهداف أكبر وأخطر، مما سيتيح لهم الدور والفرصة الى العودة الى الساحة السياسية بوجوه وصور أخرى  .

إننا نرى أن الأزمة بالعراق بدت وكأنها خرجت عن سيطرة السياسيين، لأن التشنج والاصطفاف الطائفي في الشارع العراقي أدى الى عدم اعتدال الخطاب السياسي، ما أسهم في تعميق المشاكل وتغليب المصلحة الفئوية على حساب المصالح الوطنية، كما أن نزول الأزمة للشارع العراقي قد عقّد الأمر كثيراً، ولن يكون من السهل السيطرة على الإختراقات التي ستحدث هناك .

إن الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو تصحيح الخطاب السياسي الوطني للجميع وتوجيهه بعيداً عن التخندق الطائفي وأحضان الأجندات الإقليمية .

ورغم أن بعض السياسيين قد بدؤا أخيراً بالإلتفات لما يلوح بالأفق من كوارث وويلات في الطريق، وبدؤا بالتلويح بالإنشقاق على قوائمهم لما لمسوه من أجندات خطيرة فيها، لكن لم يكن الأمر كافي، لأن لازال هناك ذيول تلبس قناع الرؤوس تعمل بكد كبير لتوسيع وتعميق الخلاف .

رغم أني أرى أن الحدود بين المدن والدول ليست بالمقدسة، ورغم أني علمت من خلال متابعاتي التاريخية، أن الحدود تتغير حسب حاجات أبناء الدول والمدن، لكن لازالت أرى أنه يمكن للعراق أن يبقى موحداً . . 

إذا توحدت الجهود والتوجهات . .

لكن لاسمح الله، إذا لم يَفْلَح القائمون بالأمر في ذلك، فلن نجد حلاً سوى تقسيم العراق حقناً لدماء الجميع، ودرئاً لفتنة إذا إشتعلت لن تذر الأخضر واليابس في طريقها إلّا وأحرقته .

وفي ظل هذه الصراعات والأزمات المتلاحقة يطرح الجميع تساؤلات طبيعية عن ماذا ينتظرُ العراق؟ وهل هو مقبلٌ على كارثةٍ سياسية وحربٍ طائفية وعرقية؟ وهل سيتمُ تقسيم هذا الوطن إلى ثلاث فدراليات؟ وهل سيكون هناك إقتتال شيعي شيعي او سني سني؟ وهل هناك من بين السياسيين حكماء سيتداركون الكارثة؟

هذا ماستجيب عنه الأيام القريبة القادمة بالعراق .

والله من وراء القص

 

د. نبيل أحمد الأمير

 

في المثقف اليوم