أقلام حرة

حكومة الظرف المختوم الى اين؟!

لا يخفى حجم العراقيل التي تتعرض لها العملية السياسية، ومحاولة افشال اي محاولة في الاصلاح، وهذا الامر انعكس في الحركة اليومية للاداء الحكومي، كما انه ساهم في شل حركة الشارع العراقي، وما تلاها من تظاهرات واعتصامات عكست تشنج الوضع السياسي بشكل عام في البلاد، كما في الوقت ذاته لا ننكر الجهود المخلصة في البلاد والتي تحاول ان تضع مجمل الأوضاع على سكة العمل السياسي الصحيح، لهذا سعت القوى الوطنية الى اعادة ترتيب الورقة الحكومية عبر ورقة الاصلاح التي قدمها  السيد رئيس الوزراء الى مجلس النواب عبر مظروف مغلق، سُلمت الى رئاسة البرلمان والتي هي الاخرى لم تلحظ او انها غضت الطرف  عن الملاحظات المهمة حول هذه الورقة والتي يمكن إجمالها :-

1. انها ورقة لا تستند الى القانون المعمول به في الدولة، اي انها لا تتمتع بسند الغطاء قانوني، ولك ترسل الى مجلس النواب بكتاب رسمي، اذ كان لابد ان تُعرف بطلب رسمي ومرفق فيه الأسباب الموجبة، والغاية والاهداف من هذا التغيير، كما ان الاولى ان يكون بمشاورة مجلس الوزراء نفسه، واعلان الاصلاح والتغيير لكي ياخذ الوزراء انفسهم قرار تقييم انفسهم وإفساح المجال لغيرهم في تحمل المسؤولية .

2. طبيعة الأسماء المرسلة الى مجلس النواب،خصوصاً وان المعروف ان ما طرحه السيد العبادي في ورقته الإصلاحية انهم تكنوقراط ومستقلون، الامر الذي اثار استياء الشارع، اذ بعض هولاء هم من البعثيين ومن المشمولين بقانون المساءلة والعدالة، وكذلك بعضهم أصلاً ينتمي الى احزاب وكتل سياسية، والبعض الاخر لا يتمتع بالكفاءة الإدارية، او ثبت عدم كفاءته من خلال المناصب التي تقلدها في الدولة .

3. كان ينبغي بالسيد العبادي قبل طرح الأسماء عرضها على هيئة النزاهة، واكتسابهم درجة القطعية من حيث الشهادة والنزاهة، ليكونوا قد استوفوا كامل الشروط في الترشح .

4. هذه الورقة لم تراعي التوازن السياسي والوطني في البلاد والتي تأسست العملية السياسية عليها، كما انها لم تراعي التوازن القومي والمناطقي، اذ ان اغلبهم من بغداد، فأين التنوع الديمغرافي، والمشاركة للمكونات جميعها .

5. كان يفترض بالسيد العبادي ان يفاتح الى القوى السياسية عموماً في هذه الاصلاحات لاكتساب القوة، والظلية السياسية،وان يكون العمل بالتنسيق مع هذه القوى التي ستكون متسقة مع أداءه في الاصلاح اذا ما تم طرح الملف للنقاش، وأخذت هذه القوى بإجراء التقييم المناسب على وزرائها .

6. ان عملية دمج الوزرات هو اجراء غير قانوني، ولايتسق وطبيعة التوازنات السياسية، والتوافق التي تأسست عليها مجمل العمل السياسي في البلاد كما أسلفنا، خصوصاً ان تشكيل الحكومة قائم أساساً على هذا التوافق . 

ان عملية الاصلاح في بناء الدولة يجب ان يخضع لمعيار ورؤية حقيقية وواقعية، وان لا تترك دون متابعة لأدق التفاصيل، كما ينبغي ان تكون عملية التغيير شاملة لجميع المواقع والمسؤوليات وفي مقدمتها منصب  رئيس الوزراء، واستبداله بشخصية تتسم بالاستقلالية، وتحمل رؤية وخطة متكاملة لعملية الاصلاح، كما الاولى ان تشمل عملية الاصلاح جميع المناصب الحكومية من وكلاء وزراء، ومدراء عامين ومسؤولي الهيئات المستقلة، لان عملية الاصلاح لا تقف عند الوزير،بل ان هذه المناصب تعدها الركيزة الاساسية في العمل الحكومي والتنفيذي، وهم الأقرب الى القرار والعمل التنفيذي، كما يجب ان يشمل الاصلاح والتغيير (الدولة العميقة) والتي امست متحكمة بمصير البلاد والعباد، وُتسير الملفات وفق مصالحها، وتحكمها بالقرار السياسي والحكومي في البلاد، وان يكون معيار الاختيار هو المهنية والنزاهة، وان يكون الترشح لهذه المناصب مفتوح امام الجمهور، ووفق السياقات الإدارية الصحيحة .

 

محمد حسن الساعدي 

 

في المثقف اليوم