أقلام حرة

إنفلونزا

akeel alabodشيء يشبه القشعريرة، إنهاك يغزو أنحاء جسده، يجعله بحاجة الى النوم، مرارة في فمه، انحباس الشهية الى الطعام، اتكا على السرير، لم يكن احد معه في الغرفة، حاول ان يقرا كتابا كان بجانبه على المنضدة دون ان يفلح، شعور بالإنهاك ينساب في مفاصله، يجعله لا يقوى على القيام بعمل ما.

في الايام الاعتيادية تراه يشرف بنفسه على تحضير الشاي، ما ان يرى تلك الأقداح المجاورة الى حاوية السكر الصغيرة بجانبه حتى تشتد رغبته الى قراءة كتاب، او مجلة تقبع بجواره تضامنا مع جلسة ممتعة من الشاي المطعم برائحة التفاح او النعناع.

الشاي والكتاب معا شيء من الترفع أوالتأمل بالنسبة اليه، فهما رفيقان لا يمكن فصلهما عنه مهما كانت الظروف، رفيقان متممان الى رحلته التي تتطلب منه ان يفني نفسه إجلالا لمقولة خالدة بالنسبة اليه.

لم يعد كما كان بالأمس مهتما بتلك المنغصات رغم شعوره بالألم.

 فهو منذ زمن يعيش في محيط ممل، الاشياء بغض النظر عن مسمياتها تختلف عنه في كل التفاصيل والاحوال، الأشكال، الصور، الألوان كلها ماض ما زال الحنين اليه قائما في نفسه.

 

 

الحب بالنسبة اليه بقي بعيدا، فهو الهدف الاسمى الذي لم يكن قادرا من الوصول اليه، منذ ان ودع تلك التي كانت تجلس معه على مائدة اسمها المحبة؛ السيمورغ نفسه ذلك الطائر الذي يتطلب الوصول اليه سبعة ابحر من الفناء(1).

القشعريرة شيء يشبه الدفء، لكنه لا يختلف عن نوبات برد تخترق هذه الطاقة المليئة بالحيوية، تختزل الاشياء فيها لتجعلها قاصرة.

طوق نفسه مرة اخرى بغطاء يكاد ان بجعل منه كتلة فيزيائية مجردة، الغطاء يشبه الى حد ما تلك الدائرة التي يوميا تنتزع عنه تلك المشاعر، تستفزه بطريقة ما.

لذلك الحزن كما تلك النوبات من البرد، يكاد ان يكبله بقيد لا يقوى معه ان يسترسل في رحلته الى عالم السيمورغ.

المرارة ما زالت تمنع عنه ان يصنع إبريقا جديدا من الشاي، هي ضحكة وزعها ذات يوم على شاكلة علبة حلوى إرضاء لضحكة طفل ينتظر هدية العيد.

 

عقيل العبود

.....................

1. طائر السيمورغ عن كتاب فريد الدين العطار

The conference of the birds

والسيمورغ هو طائر خرافي بحسب الرواية لكنه رمز للحقيقة والعشق والفناء.

 

في المثقف اليوم