أقلام حرة

البذرة الصغيرة

akeel alabodبذرة صغيرة لا تتنفس، ولا تأكل، ولا تشرب، شيء جامد، جلس صاحبي مع وحدته، قرر ان يجعل منها شيئا متحركا.

سال نفسه عن مكان ملائم؛ بقعة تنبت فيها هذه الحبة الصغيرة، النافذة المطلة على كيانه الاخر قريبة اليه، زاوية تبتعد تماماً عن ضجيج تلك المحاكاة، إذن دعني ازرعها هنا، قالها بثقة تامة.

جاء بابريق الماء، وراح ينظر الى الاعلى، السماء لم تكن ملبدة بالغيوم، فالشتاء لم يأتِ بعد، لكن الغيمة البعيدة، تلك التي لم يرها بوضوح، صارت تطل عليه.

الزمن أشبه بحقيبة مسافر ينتظر الوصول الى رغبة، اوحلم جديدين، اوربما لتحقيق مشاهد حكاية اخرى من حكايات  تلك الاحداث المكتظة بالتفاصيل؛ هو كائن متحرك بدقائقه وساعاته وثوانيه، القوانين فيه لم تخضع لآلهة معينة، فلا توجد في جميع الأساطير والروايات الهة اسمها الزمن؛ هو يشبه في نظامه تفاصيل ذلك النسيج الذي يخوض حركة انتمائه عبر مخاض متفاعل اسمه الشرنقة، تلك التي منها تتفتح أغصان ذلك السويق الهش، الذي تراه يسري كما انسياب جدول يبحث عن طريق اخر يجري عبره معبرا عن حقيقة انتمائه الى هذا العالم.

المحيط هو نفسه ذلك الامتداد الذي منه بعد ايام أوشهور ربما، يصبح لتلك الكتلة الصماء جذورا واغصانا.

إذن البذرة بعد حين ستصبح نبتة، وسيكون لها وجود، ويوم يموت زارعها، الزمان كما المكان سيشهدان معا ان الحياة التي لم تكن مع سويعات ودقائق وثوان انقضت، انما وجدت بعد سويعات ودقائق وثوان جاءت، ذلك بفعل ارادة ومشاعر كان لها الفضل لان تصنع من السكون حركة، ومن الصمت انشودة. اما الأنشودة، فهي لغة صنعها شعور صاحبي الذي عبره صار لتلك النبتة حكاية.

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم