أقلام حرة

سجّل ياتاريخ: الأمم المتحدة والدعارة

nabil ahmadalamirتعتبر الدعارة من أقدم المهن في التاريخ، حيث عرفت هذه المهنة رواجا لا يفتر، فلا يكاد يخلو عصر أو بلد من بائعات الهوى ..

معظمهن يعملن بالسر بسبب نظرة المجتمع الدونية لمهنتهن، لكن هناك أيضا من نلن شهرة واسعة .. بل أن إحداهن أصبحت إمبراطورة ! ..

فالإمبراطورة البيزنطية ثيودورا كانت عاهرة وراقصة تعري في شوارع القسطنطينية – اسطنبول – قبل أن تعتلي عرش الإمبراطورية في القرن السادس للميلاد .

وللدعارة مستلزمات مثل كل مهنة، حيث يخطأ من يظن بأن الدعارة عمل عشوائي لا يخضع لنظام، فعاهرات المواخير يخضعن لنظام دقيق وصارم .. ومنهم السيدة (سالي ستانفورد) التي كانت تدير واحدا من أرقى وأفخر المواخير في أمريكا، وكان يعمل عندها بعض أجمل وأرق وأذكى الفتيات وأكثرهن أناقة على مستوى العالم .

لا عجب بعد ذلك أن يتقاطر المشاهير من كل حدب وصوب على ماخورها، أو بالأحرى قصرها المنيف الذي يقع في أحد الشوارع الراقية لمدينة سان فرانسيسكو . فقائمة الزوار كانت تشمل سياسيين وموظفين حكوميين كبار وفنانين وأقطاب الصناعة والتجارة وضباط جيش وشرطة وسفراء ووزراء أجانب وحتى أمراء وملوك .

 

كانت السيدة ستانفورد أحياناً تقدم فتياتها مجانا، وهو أمر يفعله معظم القوادين حول العالم، لإغواء الموظفين الحكوميين ورجالات الشرطة والأمن، وذلك لكي يغضّوا الطرف عن ما يجري داخل الماخور، فالدعارة ممنوعة قانونا في معظم دول العالم .

أما خدمات السيدة ستانفورد لم تقتصر على أمريكا، بل تعدت ذلك إلى الشؤون الدولية وأمن العالم ! . في عام 1945 شهدت مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية حدثا عظيما، إذ أجتمع ممثلون عن خمسين أمة وشرعوا في مفاوضات واجتماعات متواصلة قادت إلى نشوء الأمم المتحدة (كما نعرفها اليوم) .

لكن مما لا نعرفه ولا يعرفه الكثيرون، هو أن جزء كبير من تلك المفاوضات والإجتماعات جرت وقائعها داخل ماخور سالي ستانفورد .

 

المؤرخ هيرب كاين كتب قائلا:

" الأمم المتحدة نشأت في بيت دعارة سالي ستانفورد، والكثير من المفاوضين كانوا من زبائنها " . وبحسب هذا المؤرخ فأن هؤلاء الزبائن المهمين عقدوا العديد من اجتماعاتهم في غرف هذا الماخور ..

وهذه الاجتماعات هي التي تمخضت بالنهاية عن ولادة منظمة الأمم المتحدة .

 

يا لسخرية القدر .. أعظم مؤسسة دولية انطلقت من ماخور دعارة . كانوا يتفاوضون على امن العالم وهم يمارسون الجنس، أجزم أنها كانت مفاوضات صعبة وحامية الوطيس، وهي برأيي خير دليل على صحة العبارة القائلة أن السياسة والدعارة هما وجهان لعملة واحدة .

ولعل سالي ستانفورد أرادت أن تكشف بنفسها عن حقيقة الوجه الفاسد للسياسة فاقتحمت فجأة عام 1967 مؤتمرا سياسيا حاشدا كان من بين حضوره بعض كبار رجالات السياسة والدولة، مثل ادوارد كنيدي، الشقيق الأصغر للرئيس الأمريكي الأسبق جون كنيدي . السيدة ستانفورد ألقت التحية على الجميع ثم اعتلت المنصت وأمسكت الميكرفون، تطلعت لبرهة في الوجوه التي امتقعت لرؤيتها، ثم انطلقت بلا هوادة تتلو أسماء زبائنها من بين الحضور، تشير إليهم بأصبعها، تجندلهم واحدا بعد الآخر كأنما تحمل مدفعا رشاشا، وما هي إلا دقائق حتى أنقلب الحفل رأسا على عقب وتعالت الصرخات من كل مكان . وكانت فضيحة مدوية، حين أتضح أن معظم الحضور كانوا من زبائن سالي ستانفورد، حتى أولئك الذين ما فتئوا يصدعون رؤوس الناس بحديثهم المتواصل عن النزاهة والشرف .

 

إن المظاهر كثيرا ما تكون خادعة، فهناك أناس يعيشون بيننا نظنهم ملائكة، ونحسبهم في غاية العفة والطهارة، مع أنهم في حقيقتهم ليسوا كذلك .

 

والله من وراء القصد

 

في المثقف اليوم