أقلام حرة

صادق الذي صدق!!

المقصود هو السيد (صادق خان) الذي فاز إنتخابيا بمنصب عمدة لندن، وقد لعلعت الأقلام والمواقع العربية بأنواعها، وغرّدت وتفاخرت وتفلسفت ونظّرت وفسّرت وحللت، وكأنها ينطبق عليها المثل القائل :

" الﮔرعة تتباهى بشعر أختها"!!

فالإسلام الصحيح الذي يتفاعل مع جوهر وقيم الروح الإسلامية لم يجلبه العرب إلى أوربا وأمريكا، وإنما الذين أسسوا له وحملوا راياته وبيارقه غير العرب وخصوصا الباكستانيون والهنود، ولم يكن للعرب إلا الدور السلبي على الدين، لأن العرب يترجمون بسلوكهم العدوان على الإسلام.

ذات مرة قبل عقود، غضبت على بعض العاملين معي لسبب واضح، ففاجأني أحد الزملاء الباكستانيين وهو يحدثني بأخوّة وحكمة قائلا " يا أخي نحن سفراء الإسلام وأنت سفير العروية والإسلام، وعلينا أن نترجم السماحة ونحدثهم بالتي هي أحسن، وكان عليك أن تعفو فالعفو عند المقدرة له أثر عظيم "!!

فكم منّا يدرك بأنه سفير للعروبة والإسلام في بلاد المهجر؟!

زرت جزيرة كاريبية نائية، ووجدت فيها جامعا متميز العمران، ومقابلا للجامعة الوحيدة التي في الجزيرة، وعندما سألت عن تأريخه، علمت بأن عددا من العوائل الباكستانية تبرعت وتكاتفت لبنائه، لكي يكون للإسلام حياة ودور في مجتمع هذه الجزيرة النائية!!

ففي العالم بأسره لم ينشر العرب قيم الإسلام الصحيحة، وإنما غيرهم من أمم الدنيا المسلمة هي التي فعلت، فالعرب يتبجحون بالإسلام، ويدّعونه ويتسيّدون عليه،  وبأفعالهم يعجزون عن ترجمة فكرة رحيمة واحدة من جواهر الدين القويم، بل أن معظمهم دينهم هواهم، وهذا يفسر ما يجري في بلاد العرب من المحيط إلى الخليج إلا فيما قل وندر.

العرب أصبحوا عالة كبيرة على الإسلام، فما إجتمع العرب على رأي واحد أو توافقوا في تفاعلاتهم المتنوعة في بلاد المهجر والغربة، وإنما هم على نهج التشظي والتقاطع وعدم التوافق على كل شيئ، ولهذا فهم ضعفاء رغم كثرتهم، وأعداء الدين رغم تديّنهم، وأنهم لعاجزون على الإجتماع في مكان واحد، وإنما تراهم موزعين على أماكن الأمم والمجتمعات الإسلامية الأخرى.

فلا يوجد جامع بناه العرب بجهدهم وإجتماعهم وتبرعهم، وإنما النسبة العظمى من الجوامع الموجودة في الدول الغربية وأمريكا، بناها المسلمون من أمم ومجتمعات إسلامية أخرى، وهناك بعض الجوامع المبنية من قبل الحكومات العربية لغاية في نفس الكرسي.

 العرب المسلمون من أضعف المسلمين وأكثرهم تناحرا وشقاقا وعدوانا على الإسلام بسلوكهم، وما يقدمونه من أعمال متقاطعة مع أبسط القيم الإسلامية، لكنهم يحسبون أنفسهم المسلمين الحقيقيين وسواهم غير ذلك!! 

واليوم تجدهم يتفاخرون بغيرهم ويتظلمون ويظلمون، ويتناحرون ويقدمون أقبح الأمثلة عن الدين الذي يدّعون، ولا يعترفون بأن الدين العمل، وينكرون تغيير المنكر، بل يجتهدون في تعزيزه، وعندهم الإسلام صلاة وصوم وحج وحسب، أما الركنان الآخران فإنهما ساقطان في عرف السلوك العربي الملتصق بما يسمونه إسلامي!!

الرجل المسلم (صادق خان) ترجم كونه سفيرا صادقا للإسلام القويم البسيط الصحيح، المقرون بالعمل الواضح والخُلق الإنساني الرحيم، والمبادئ الطيبة التي يحتويها الدين، والعرب طلقوا إسلامهم بالثلاث، وحوّلوه إلى تجارة وتناحرات على كراسي الفساد والإثم والعدوان على الإنسان، وإرتكاب أفظع الخطايا، ويدّعون أنهم الذين يمثلون الإسلام، وهم يشنون العدوان عليه ويشوّهونه في أي مكان يحلون!!

فلماذا لا نعود لأنفسنا ونحاسبها ونقف أمامها بشجاعة، ونعترف بأننا من أعداء الدين الإسلامي، ونحن

– لا غيرنا – مَن يقدم أقبح الأمثلة وأبشع السلوكيات، التي تكون موادا خصبة لوسائل الإعلام العالمية لتشويه الدين الإسلامي والتحامل على المسلمين.

فالعيب في العرب وليس في الدين القويم والمسلمين !!

العرب أصبحوا من جهلة الدين الإسلامي، وتلك حقيقة فاجعة، وحالة مرعبة ساطعة!!!

فأين أنتم من الإسلام يا عرب؟!!

 فما عاد الإسلام دين العرب!!!

وكالعادة، سيغضب العرب، من كلامٍ يعزف على العَصب!!

 

د- صادق السامرائي

           

 

في المثقف اليوم