أقلام حرة

انفاس الضحايا

akeel alabodتمهيد: الضحايا استغاثاتهم كأني بها، تطالب الحكومة بإسقاط الديمقراطية، لكانها تريد ان يكون هنالك سلطة عسكرية، كما حصل مع مصر عهد السيسي لحماية الارواح والممتلكات.

المشهد كل يوم، بغداد كما قال القباني نزار عن بيروت في رثاء حبيبته بلقيس: "بيروت تبحث كل يوم عن ضحية، حيث الكتابة رحلة بين الشظية، والشظية"

 

اما انا فأقول معتذرا للشاعر القباني رحمه الله. 

الدم هذا الشريان المتحرك في أعمق أنحاء الروح، اصبح اليوم هكذا مستباحا، وبغداد كل ساعة، تستنزف فيها انفاس الف ضحية.

مدينة الصدر تلك التي تجمعها حكايات تشبه في أحداثها روايات نجيب محفوظ، وهو يتحدث عن الحارات الشعبية، والأزقة، وطيبة الناس، تستغيث الان كما نراها، تحت زعيق مفخخات جديدة.

الصورة، الطيبون لا ينتظرون من هذه الحياة الا ما يسد رمقهم، المقهى تلك ما زالت تقبع عند زاوية من زوايا الشارع، المنطقة المكتظة بالزحام تجمعها صور متفرقة؛

فهنالك كما نرى حيث عند منتصف الزاوية اليمنى من الشارع، طالبة تنتظر نتائج الامتحانات النهائية، اما في الجهة المقابلة، فثمة رجل كان قد اقترض ليلة البارحة مبلغا من المال، استطاع به ان يشتري عربة خضار لعلها تساعده لمتابعة مسؤولياته العائلية، بينما في الجهة الاخرى ايضا أطفال ينتظرون موعد ولادة شقيقتهم التي اغتالها هي الاخرى هذا النوع من الهلاك.

وهكذا مع مختلف الحكايات، القدر ليس كما بحسب ما يروجه البسطاء من الناس" كلمن وحد يومه". القدر هو هذه الدوامة من الفوضى والموت والهلاك، حيث دائماً تسمع عن مربعات يستهدفها الطاعون.

الديناميت يصنع في بيوتات كان عليها ان تخضع للتفتيش هي الاخرى، فالقاتل كما يبدو يشبه 'حرامي البيت'، باعتبار ان الراصد والمرصود يعيشون هكذا وسط هذا الزحام، والجريمة حالة تتكرر كما لو انها ممارسة تتبعها خبرة لا حدود لها في اغتيال هذا الكم من الأنفاس.

وبهذا لم يبق للناس الا وسيلة واحدة، وهي ان تتفرق بيوتات هذه الجموع، لعله يصار الى خطة تفتيش كبرى، تخضع بموجبها جميع مربعات بغداد بما فيها اقارب المسؤولين الى المساءلة. 

اقصد هؤلاء وأولئك الذين يروج لهم التلفاز، باعتبار ان الحواجز بين أفواج العسكر، والحمايات تقتضي ان يتم رفعها لمتابعة ما يحصل هنا وهناك، على طريقة المتبع ايام زمان، يوم كان شرطي الأمن لوحده يخيف منطقة كاملة.

لذلك باعتبار ان الأجرام صار أشبه بممارسة يومية، خاصة في مدينة الثورة، او الصدر، اقول من الواجب ان يهيء الجميع  نفسه بلا استثناء للمسح الجماعي الذي يجب ان تقوم به لجان الإحصاء التابعة للتخطيط السكاني كونها هي الاخرى كما وزارات الأمن والدفاع والداخلية، تتحمل المسؤولية، خاصة وان تسجيل افراد كل عائلة يساعد الحكومة على تطبيق دور رجل الأمن ايام زمان ولو بطريقة اخرى، رغم اعتراض البعض، تحت حجة التضارب مع الديمقراطية، ولكن ابان عصر الدم وحصاد الأنفاس، الديمقراطية تصبح آفة تهدد الناس جميعا بالفوضى والحرب.

لذلك الشعب هنا ما عاد محتاجا الى هذا النوع من الهراء، بل انه يحتاج الى سلطة تستطيع ان  تمارس دورها الصارم لحمايته بعيدا عن زيف هذه المهزلة. 

 

عقيل العبود 

 

في المثقف اليوم