أقلام حرة

الرأي رأيهم؟!!

عجائبنا السلوكية المدمرة أننا نبدوا وكأننا بلا إرادة ورأي، فالرأي رأيهم وعقولنا كأنها عاطلة عن العمل، ولا تجيد غير الإستنساخ ومناهج الببغاء.

والمقصود بهُمْ المجتمعات المتقدمة وخصوصا في أوربا وأمريكا.

فما يُكتب ويُنطق ويُنشر في وسائل الإعلام كافة، ما هو إلا ترديد لآرائهم، وصدى لكلماتهم وطروحاتهم بأنواعها.

فهم الذين إكتشفوا حضاراتنا، وكتبوا تأريخنا، وهندسوا أنظمة حكمنا، ونعتاش على ما ينتجونه ويبدعونه  ونتمتع بالحياة وفقا لقدراتهم التصنيعية والإبتكارية، وبهذا فأننا وبلا إستثناء نتبعهم ونمضي على هواهم ومناهجهم، لكننا نناقض أنفسنا ونتوهم بقوة وتميّز وجودنا، مما دفعنا إلى الإنحدار إلى وديان وكهوف التوحش القاسية المدمرة.

ومن علائم هذا التماهي والتعبير الصَدوي، أن ما تكتبه الأقلام يمثل نسخا صريحا بلغة عربية، لمنطلقاتهم ورؤيتهم وما يقررونه بهذا الأمر أو الشأن، أي أننا نتبنى نظرتهم ونترجمها بعنجهية وجهل منقطع النظير، وبإنفعالية فائقة، مما يتسبب لنا بأضرار فادحة ومريرة.

وعليه فعلينا أن نعترف بقصورنا وعجزنا وتبعيتنا النفسية والفكرية والسلوكية لغيرنا، ولا بد من مواجهة النفس بقوة وشجاعة على الإنطلاق من مفردات الذات، التي يتوجب تفعيلها وضخها بالطاقات الكفيلة بإحياء وجودنا والتعبير عمّا فينا من قدرات أكون.

فالقول بوجود رأي عربي حرّ فيه الكثير من الخلط والتزييف، فالموجود هو ترديد أعمى لآراء غيرنا وتقمصها أو التقنع بها، وما نحن نعرفها أو لدينا صلة حية معها، لأنها مبذورة في تربة أخرى ولا يمكنها أن تنبت في تربتنا.

فعلى سبيل المثال الديمقراطية ليست فكرتنا أو من منتوجات وعينا وتفكيرنا، وإنما هي من إنتاج غيرنا، وهم الذين أوجدوها وطوروها وجربوها وعرّقوها وعالجوا أمراضها، وعبّدوا لها النفوس والعقول والسلوك بقوانين ودساتير تحافظ على الحياة الحرة الكريمة، وعندما إستحضرناها مستنسخين ببغاويين وجدتنا في محنة أمية مدقعة الجهل بها، فتحوّلنا إلى وحوش متصارعة لا هدف عندها غير التماحق والفتك بالآخر الوطني والذي يريد الحياة للجميع، لأن الديمقراطية قد أسهمت في إنفلات طاقات النفوس الدونية الأمّارة بأسوأ من السوء، فصنعت حاضرا معفرا بالويلات والدمارات العظيمة.

ولهذا فأن الآراء والتصورات والنظريات والتحليلات المأخوذة بعماء وببغاوية من الآخرين لا تنفعنا، وإنما تتسبب بأضرار وخسائر متواصلة.

فهل نمتلك قدرات صناعة الآراء الأصيلة؟!!

 

 د-صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم