أقلام حرة

مخدر مؤقت وانتعاش كاذب

وحقيقة الوضع بالبلاد التي انتعش شعبها مؤقتا وقيل حتى بالجرائد أن نسبة الحرقة أو الهجرة غير الشرعية قد انخفض منذ فوز المنتخب الجزائري وتأهله لمونديال 2010.

 

فرحة الفوز على المنتخب المصري كانت بمثابة مخدر مؤقت بدأ مفعوله يتضاءل، والانتعاش الذي بشرتنا به الجرائد الصفراء بدل يزول كسراب الصحراء، ليعود واقع الحراقة المرير، وتعود جثثهم لتطفو على سطح البحر.

هل تنتظرون من مباراة كرة قدم أن تغير واقعا مثل هذا تسببت فيه الكثير من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

لا تقولوا يكفينا الفوز على المصريين، لأنكم قلتم من قبل لنفوز عليهم وليكن ما يكون بعد ذلك.

 

كلنا فرحنا وقفزنا فرحا بالفوز، لكننا بعد ذلك عدنا لنقف على واقع أكثر تفاقما، ففي الفترة الأخيرة ازداد عدد الأدوية النادرة في السوق، والتي منعت الدولة استيرادها، مع أن الكمية المنتجة محليا لا تكفي، وأحيانا الدواء الممنوع استيراده لا ينتج محليا أبدا، هي قرارات غبية  وعشوائية لا تولي للمريض ولا للشعب أي قيمة.

 

أما الخبر المبكي المضحك، فهو ندرة الحفاظات الخاصة بالمرضى الكبار، وذلك بسبب تغير قوانين الاستيراد ومنع الحفاظات الأجنبية من الدخول للجزائر.

 

أي أنه علينا العودة إلى الطرق البدائية جدا لمساعدة المرضى على قضاء حاجاتهم.

تحيا العزة والكرامة التي يتغنى بها الرئيس ووزراءه، عزة وكرامة لم تتمكن حتى من ضمان حفاظات للمريض لقضاء حاجاته.

أسعار المواد الغذائية وصلت لدرجة رهيبة أصبح فيها العدس طعام الفقراء ينافس فاكهة الأغنياء.

 

اتركوا المصريين في حالهم، فلديهم من مشاكلهم الفظيعة ما يكفي، وليتركنا المصريون في حالنا لأننا بدورنا لدينا ما يكفي للاهتمام به، والأجدر توجيه هذا الكلام إلى الإعلام من الدولتين ليكف عن اجترار الأحداث التي استرزق ويسترزق عليها منذ بداية هذا الأمر.

 

في خضم كل تلك الأحداث، برزت تجاوزات كبيرة جدا ومن الطرفين، وهي ليست بالأمر الهين والذي يمكن تجاوزه أو غض الطرف عنه، لكن الآن وبعد مرور أكثر من شهر، وجب على الإعلام استخدام خطاب آخر أكثر عقلانية والكف عن الاستخفاف بالشعبين، فالفرق واضح جدا بين معالجة القضية ومناقشتها وبين الاستمرار في سكب الزيت على النار.

 

و كفانا من الأمجاد الكاذبة وإعطاء الأمور أكثر من قيمتها، فالبرازيل لم تتطور اقتصاديا لأن فريقها هو الأول دائما في العالم، والولايات المتحدة الأمريكية لم تسيطر على العالم بفريقها الكروي.

 

لن أقول كما قال بعض المعارضين للرئيس الحالي بعد الفوز على مصر وتسخير كل تلك الجهود والأموال للحج نحو السودان، نعم للعهدة الرابعة، لن أقولها قبل إرجاع الكرامة للمريض والمعاق، وللمواطن العادي البسيط، الذي هو ليس إرهابيا تائبا، ولا مناصرا كرويا متعصبا، وليس بلص يدخل السجن في 20 أوت ويخرج في 01 نوفمبر.

 

**جمال الدين بوزيان

ناشط اجتماعي جزائري

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1269 الاحد 27/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم