أقلام حرة

متى تهدا الهيجانات في هذه المنطقة؟

emad aliلم يشهد التاريخ الحديث مرحلة متهيجة ويمكن تسميتها بالفوضى مثل ما نحن فيها . انبرى تنظيم القاعدة في استغلال الوضع المتغير وتدخل بشكل فاعل،  ليس الكلام هنا من أثاره او دفعه او من وراء ما اُمر به، في الوقت ذاته تدخل صدام  في الكويت والمعلوم ان امريكا شجعته بشكل غير مباشر، او سكتت عن ما يقدم عليه عندما سال الدكتاتور سفيرتها في بغداد وبدا المشوار التغيير الحقيقي في المنطقة . لو دققنا في تاريخ المنطقة وكيف استقرت الحال عليه قبل قرن واكثر، وكما يعلم المتابع ان المنطقة تاسست ما فيها من الدول على قاعدة مهمة لمن دخل في جبلها على عدم امكان الاستقرار طوال هذه المدة، وعليه  لم تتقدم ولو خطوة من النواحي المتعلقة بحياة الناس وفي مقدمتها العملية الداخلة في حياتهم الخاصة بشكل مباشر، وفرضت عليها الانتظار او الاستجداء من القوة الفاعلة لتوفير ما يهم الشعوب . وعلى الرغم من الفترات المقتضبة من الهدوء النسبي الا ان القضية العربية الاسرائيلية كانت دائما هي الموقدة لاي تغيير سلبي في المنطقة ان كان لصالح القوى الكبرى، علاوة على الثورة الكوردستانية الحقة منذ هضم حقوق الشعب الكوردي بعد تقسيمه عنوة وقسرا على الدول الاربع الظالمة لهم بنسب مختلفة .

بدات الثورات وتغيرت المعادلات راسا على العقب وامتدت دولة بعد اخرى وتغيرت الحال وسقطت انظمة ولم تهدا اي منها بعد الا تونس نسبيا، فهل هذه بداية او مستهل لمرحلة مغايرة لما قبلها بشكل مطلق وتسير بشكل متسارع على رحى معارك دامية واحتدامات لم تهدا بعد ولم يعلم احد مغزاها الحقيقي بعد وكيف هي ومتى تتابطا .

كل القضايا تحركت من مكانها وتغيرت ظروفها واصبحت في مواقع لا يمكن ان تبقى على ما هي عليه، الديموقراطية للشعوب بشكل عام،  تغيير الدكتاتوريات وبدء مرحلة كسب حقوق الشعوب، فبرزت من بين الاحوال القضية الكوردية لكونها في كورة الاحداث ونرى في الافق ايضا تغييرا في وضع ااقضية الامازيغية لحينما تحين الفرصة لتحركها نحو الامان ايضا في الوقت المناسب بعد اتمام ارضيتها او بروز احداث تثيرها على التسارع في وتيرتها .

اي ان الطبخة العالمية في هذه المنطقة لازالت على نار غير هادئة تفور في هذا الوقت بالذات وتحتاج لمرحلة من اجل تغير نيرانها الى هادئة غير مهيجة ويمكن ان تدفع الى النضوج بمراحل متتالية وباشكال مختلفة ويتغييرات متعاقبة لا تدع ان يبقى الامر ساكنا مهما حاول المهتمون في منعها .

يجب ان يعلم الجميع فحوى ما يجري ليستفد منه، وفي مقدمتهم المتضررين من مسار التاريخ، كي لا يمر عليهم الجريان مرور المهمشين كما كانوا .

لو قارنا ما يجري مع الزمن او المرحلة المرادة لتهدئة الهيجان، علينا ان ننتظر ربما عقودا، ولكن بعد تراجع الفوران نسبيا الى حال السير بخطى تبدا متواترة بداية ومن ثم تهدا بشكل تدريجي . اي لم يحس اي منا بالتغيير في وقته وفي لحظة المراجعة نحس به .

القضايا المتشابكة والمتداخلة مع بعضها، من حيث الديموقراطية وحقوق الشعوب والمكونات والحرية الفردية والتوصل الى العدالة الاجتماعية النسبية مع ضمان حياة الناس، سيكون الشغل الشاغل لاي مجتمع حيوي يمر في ما نحن فيه، اي العملية سائرة الا ان النتيجة فيما يمكن للاطراف ان ينهلوا منها ليس بنفس الدرجة، ومن الممكن ان يبقى البعض بعيدا عن من ينهل منها جيدا ولو بنسبة قليلة .

المرحلة زائلة حتما ويمكن ان تبقى فيها ما تفضله القوى العالمية لفترة معينة لا يمكنهم الابقاء عليها او اطالتها مهما فرض عليهم ضمان مستقبل ابناءهم، لانها تدرك بان التغير ان شملت الجميع بالنسب اطلبيعية سوف يتضرروا منه، وعليه يمكن ان يؤجل جوانب من اهدافهم لما تحين الفرص المناسبة التي تستفاد منها الجميع على حد سواء وليس اهل التغيير بنفسهم فقط .

ربما يسال احد منا  نفسه ويعتبر المرحلة التي يعيش فيها مؤقتة ولا تهمه ويحسب ما هوعليه على انه قدره كما يفضل ان يسميه وليس له يد فيه، الا المتعمق فيما يجري يعلم كيف هو الطريق نحو تحقيق الاهم له . انه الواقع المتنقل والهيجان دائم وبداية نهاية المرحلة واستهلال مرحلة اخرى وهي تحطم ما تلقاه امامها، ولكن السؤال الاهم متى تسكن وتبدا المرحلة الهادئة لما بعدها، ربما بعد عقود .

ان اكثر الدول تفاعلا مع ما يجري في المنطقة من الهيجان هم كل من ايران وتركيا والسعودية ودول الخليج بدرجات متفاوتة ولكن كل منهم يحاول ان يضمن ما تقع عليه المنطقة والمرحلة وتستخدم كل منهم اسس وعوامل مختلفة عن البعض لنواياهم المختلفة المؤثرة على الحوادث . وهذا لا يعني عدم تحرك الاخرين، بل الواقع هو ما يدفع بالاحداث على ان تشمل المهمشين او من همشه التاريخ ايضا . 

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم