أقلام حرة

التوفيق صناعة مقولتها التحدي

akeel alabodتمهيد: تهذيب الانسان لذاته، والارتقاء بها، هو الطريق الى التوفيق.

التوفيق مقولة، صورتها ترتبط بالوعي، كيف يترجم عقل الانسان، هذا المعنى، وكيف يرتبط هذا الوعي، بالجانب الحسي، اي ما هي حقيقة الترجمة الحسية للانسان، لمعنى التوفيق.

 هل ان التوفيق هذا الذي يميل اليه الحس، اويفكر به الانسان، هو جزء من انشغال سايكولوجي، اوعقلي؟ هل ان الحس هو الذي ينقل ايعازا للوعي عن معنى التوفيق، ام ان العقل يضع شروطا ما، لكي يتحقق التوفيق؟

وهل ان التوفيق عنوان ثابت، ام متغير، هل ان هنالك انطباعا، اوكيفية واحدة، لمعنى التوفيق، ام ان هنالك معانٍ تختلف من شخص الى اخر؛ بمعنى ان التوفيق الذي يفهمه (سين) من الناس، غير التوفيق الذي يفهمه (صاد)؟ هذه الأسئلة جميعا، تتعلق بإجابة مفادها، ان التوفيق، هو ان ينجح الانسان في عمل من اعمال حياته، باعتبار انه في سعيه ومثابرته الدائمة وراء أهدافه المختلفة، تراه قلقا دائما، بحثا، ومتابعة، وانتظارا، وتأملا، ورجاء، لتحقيق الملائمة وفقا لما يصبو اليه.

فالطالب المثابر تدور صورة التوفيق بالنسبة اليه، في دائرة الرضا، اي البحث عن النجاح، وإحراز درجات التفوق، والمتزوج حديثا، تكون صورة التوفيق بالنسبة اليه ان يعيش علاقة هنيئة مع زوجته، وان يرزق بذرية صالحة، وهكذا تجد ان للتوفيق مراتب، وصور متعددة، ومختلفة، وهذه المراتب والصور، تحتاج الى سعي مركب، وجهد ومتابعة، بغية تحقيق الأمنيات المنشودة.

وتلك المواصلة، والجهد، والتحدي، مفردات جميعها ترتبط بمباركة لها علاقة بالايمان، اوالعمل الصالح، اي غير الفاسد.

 فالتاجر الذي يغش، لا يشعر في داخل ذاته انه سيحرز التوفيق، وكذا الامر مع اي عمل؛ المهم ان هنالك شروطا لهذا التوفيق، من ضمنها المواكبة على عمل الخير، والصلاح، والإصلاح.

فقد يسال فلان أباه، اوامه، ان يدعوا له بالتوفيق، بمعنى ان هنالك ايمانا فطريا، بموجبه يسال صاحب الحاجة اخاه، اوصديقه المقرب اليه بالدعوة له بالتوفيق.

لذلك ترانا نقول لصديق ما، ونحن ندعو اليه (دمتم موفقين)، بمعنى دمتم محفوفين ببركات العناية الإلهية الخاصة بالانفس الصالحة، والدعاء يقترن مع التوفيق، اكثر من الامنيات. 

ولكن السؤال هنا، هل ان للتوفيق عمر اي مسافة زمنية معينة، يتحقق بموجبها، ام المطلوب مثابرة مباركة للفوز بالتوفيق؟ سيما وان ان العمل السيء حتى ولو كان قصيرا مدته، يؤثر سلبا في تحقيق هذا التوفيق.

لذلك تجد ان بعض الديانات تؤمن (بالكرما)، اي قانون السبب والنتيجة، كما في الديانة البوذية، فالعمل السيء يقود الى نتائج سيئة في حياة الانسان، تكاد ان تؤثر على مستقبله، كمن يتخذ قرارا بموجبه تتلكأ دائرة حياته- فيختار زوجة لا يتفق معها، اوعملا لا يتوفق فيه، اويفشل في الامتحان، فيحرم من الحصول على شهادة، اوتاجر لا يوفق في شراكته، وهكذا.

لذلك بناء على ما ورد، التوفيق معناه تلافي الأخطاء، اوالعمل المثابر، وإجهاد النفس، والارتقاء بها من خلال تهذيبها حسيا، وعقليا، وذلك مشروط بتعلم معنى الحكمة، التي من مستلزماتها العمل الصالح.  

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم