أقلام حرة

شعب "يتبول" على المستنصرية!! .. هل رأى التأريخ سكارى مثلنا!!

ذات يوم وبينما كنت أعد تحقيقا مصورا لأحدى الصحف المحلية لنشره في الصفحة السياحية عن مدارس بغداد الآثارية ومعالمها الفولكلورية العريقة وما أكثرها، عن المدرسة النظامية، المدرسة المستنصرية، المتحف الوطني العراقي (تعرض للسرقة عام 2003 على يد عصابات عالمية متخصصة بسرقة إرث الشعوب أمام مسمع ومرآي الدبابات الأميركية الغازية وخسر 16 الف قطعة آثارية لا تقدر بثمن أعيدت 6 الاف قطعة منها ليتبين لاحقا بأنها مقلدة ومصنوعة من الجبس!!)، عن المكتبة الوطنية (تعرضت بعد 2003 للحرق والسلب والنهب  بنسبة 35% للكتب التي تضمها وعددها مليون عنوان و 50% للوثائق وعددها قبل العدوان 20 مليون وثيقة تمثل خلاصة الوثائق العثمانية، ووثائق الانتداب البريطاني، والحكم الملكي ووثائق العهد الجمهوري بمراحله المتعاقبة)، عن المتحف البغدادي (وهو النسخة العراقية المقلدة لمتحف مدام توسو البريطاني، يضم 77 مشهدا متألفة بدورها من 347 مجسما تلخص الحياة البغدادية الشعبية من الألف الى الياء)، عن مبنى القشلة، منطلق الثوريين المستنسخين جيفاريا حاليا ، خان ومدرسة وجامع مرجان، المدرسة العاقولية، المدرسة الوفائية، المدرسة الأباريقية، جامع الأحمدي، جامع المرادية وليس بعيدا عنه جامع الأزبكية، والى جوارهما بيت الحكمة والإعدادية المركزية التي خرجت اطباء ومهندسي وضباط وحقوقيي وفلاسفة ووزراء العراق - ايام كان الوزير وزيرا بحق وليس بائعا للكبة والحامض شلغم !! - ، الإعدادية المركزية للبنات التي خرجت برلمانيات ووزيرات، حقيقيات، رقيقات، واعيات، مثقفات لا يجدن التراشق بقناني المياه المعدنية والأحذية داخل مجلس النواب وخارجه كما يحدث اليوم -، جامع الحيدر خانه وما أدراك ما جامع الحيدر خانه الذي انطلقت منه شرارة ثورة العشرين ضد الاستعمار البريطاني، المدرسة الوفائية، المدرسة العادلية والمساجد التراثية الملحقة بها، جامع عمر السهروردي، جامعي الوزير والآصفية ولكل منهما حكاية ورواية، جامع بشر الحافي، معروف الكرخي، مكتبة وجامع وساعة الشيخ عبد القادر الجيلاني، مكتبة وساعة ومسجد ابو حنيفة النعمان، مكتبة وساعة وجامع الحضرة الكاظمية، مقبرة الغزالي، فضلا عن مقاهي بغداد العريقة التي حفلت بزبدة المثقفين والشعراء في العراق والوطن العربي، امثال الزهاوي والرصافي والجواهري وبدر شاكر السياب وعلي الوردي، محمد بهجت الاثري، نوري ثابت، وغيرهم، مقاهي ليست كسواها كانت عبارة عن صالونات ادبية بحق ومن اشهرها " مقهى الشابندر، الزهاوي، البرلمان، حسن عجمي،التراث، ام كلثوم، فريد الأطرش، مقهى الخفافين وسواها، أقول بعد جولة مضنية وطويلة وشاقة استمرت أياما عدة تحت اشعة الشمس اللاهبة افرحني كثيرا مشاهدة سائح أجنبي – ربما يكون لورانس العرب ثان او مس بيل اخرى يتجسسان بلبوس السياحة .. ربما فكل شيئ جائز في العراق حيث يصول ويجول 25 جهاز مخابرات دولي اضافة الى عدد مماثل من شركات المرتزقة امثال  بلاك ووتر ونظيراتها - وهو يلتقط الصور تلو الأخرى، الفوتوغرافية والفيديوية ومن جميع الجهات للمدرسة المستنصرية التي أسست ايام العباسيين سنة 1233م على يد الخليفة المستنصر بالله، و كانت منارا للعلم والمعرفة على مدى قرون وفيها تخرج الاف العلماء والفقهاء، كانت تضم مكتبة تحوي 450 الف كتاب في شتى العلوم والمعارف وبينما كان السائح او الجاسوس الأجنبي يلتقط الصور لتأريخ العراق لمحت ثلاثة عراقيين سكارى وهم يتبولون على جدار المدرسة المستنصرية من الجهة الأخرى، كان احدهم يغني بصوت عال " وطني حبيبي الوطن الاكبر، يوم ورا يوم أمجاده بتكبر وانتصاراته مليا حياته وطني بيكبر وبيتحرر وطنى وطنى !!"،الحقيقة لا أدري ماعلاقة أمجاد الوطن الأكبرالخيالية وإنتصاراته الوهمية بالتواليت السفري في الهواء الطلق وأين ؟ على جدار المدرسة المستنصرية ؟!

 اجنبي يلتقط صورا لتأريخ العراق العريق والعراقيون يتبولون عليه، حلووووو كام الداس ياعباس!! فلا تسأل بعد ذلك لماذا نحن خارج حدود التأريخ " كل حزب بما لديهم فرحون "، متماهون، متعصبون،منكفئون، متقوقعون،منحازون، كارهون لغيرهم، حاقدون على من سواهم ، محتقرون لمن دونهم ، متمسحون بمن فوقهم، للأجنبي الإقليمي يطيلون السجود ، للمستعمر الدولي يعشقون الركوع ، على ابناء جلدتهم أسود ، لأجهزة استخبارات الغزاة شهود، لأفكار الطغاة الوضعية الوضيعة جنود،....ووووو تره الضرب في ميت القلب والعقل والإحساس والضمير والوطنية ليس حراما، ولله درالقائل :

نسيم صبا بغداد بعد خرابها .. تمنّيت لو كانت تمر على قبري

لأن هلاك النفس عند أولي النهى .. أحبُ له من عيشِ منقبض الصدرِ

 

احمد الحاج

 

في المثقف اليوم