أقلام حرة

تعامل الجهات الاسلامية الكوردستانية مع ما يلاقون في عقر دارهم

emad aliللحركات الاسلامية الكوردستانية علاقة ديناميكية مباشرة مع ما موجود في المنطقة، وهم جميعا وبنسب مختلفة ينهلون من افكارهم وتوجهاتهم دون النظر الى الخصوصية التي يتمتع بها الشعب الكرودستاني من جهة، او ارتباطهم سياسيا وفكريا بشكل مطلق معهم دون امكان الاعتماج على الخصوية من جهة اخرى، وهم غير قادرين على الانفصال لمصالح وامور ملحة تمنعهم على الاستقلالية الكاملة، وهذا ليس بخاف عن احد .

هذا من الناحية السياسية او العمل السياسي والجماهيري والتنظيمي، اما من الجانب الفكري الاهم فانه ليس ببيعد عن النواحي الاخرى سواء ارتباطهم مع الاخرين  او ما يلاقونه من التوجهات والافكار والفلسفات المعترضة مع التي تدخل عنوة الى عقر دارهم الحزبي والعقلي فكرا وفلسفة سواء تلقوه بشكل جماعي او شخصي نتيجة احتكاكاتهم مع التغييرات السريعة التي تحصل في شؤون حياتهم وما ابرزته الحروب والتغيرات منذ مرحلة ليست بقصيرة ومن ما بعد مجيء داعش وتغييره للمعادلة بشكل اخص، اي تعارض القديم مع ما يدخل بشكل سريع من الحديث .

لو تمعنا فيما يفعلون، نلمس بان ما يُعتبرون من المفكرين والمنظرين منهم مذهولون ومندهشون من تلاقيهم مع المتغيرات دون ان يكون لهم جواب مقنع لنفسهم وللتابعين لهم فيما يحدث، سواء كانوا سائرين في الطريق ذاتها نتيجة عدم الامكان في الرجوع لامور حزبية او شخصية او عدم تفهمهم لما يقف في مسار تفكيرهم وعقليتهم وفلسفتهم بشكل يمكن ان يخلخل سلسلة تواصلهم في هذه الامور ولكنهم يمكن ان نقول انهم يخجلون بشكل عام من التراجع ايضا، لذلك نرى انهم تعلقوا في وسط الطريق . اجتياح الفكر الحداثي وما يعارضهم ويدخل دون استاذان في عقر دارهم ويضعهم امام الامر الواقع، لا يدع لهم فرصة دون الدخول في افكارهم لانهم يلمسون الاضداد في مسار حياتهم اليومية بشكل مباشر وما يمسهم من الوارد . والمشكلة الكبيرة التي يلاقيه هؤلاء عدم امكانهم من طرح البديل المناسب من حيث اعتقاداتهم وتوجهاتهم المختلفة التي ادعوها من قبل وجمدوا في مكانهم دون حراك، وعليه يصابون بالذهول والدهشة والاحراج دون ان يجدوا منفذا .

 ان تابعنا الحركات والجهات السياسية البارزة في اقليم كرودستان فنراهم امام مقلدين لما هو عليه اقرانهم في الدول الاخرى او مستسلمين دون ان يعلنوا عن البديل العقلاني المقنع لانفسهم وتوابعهم والموالين لهم من الاحزاب كانوا ام الجماهير من الشعب بشكل عام ويسيرون دون اي تحديث او يمكن القول بانهم يقضون الوقت بهباء .

ان الجهات الاسلامية بالاضافة الى ما يلاقونه من التغييرات التي صعبت عليهم فهم ما يستوردونه، انهم ليسوا باصحاب تراث ديني اصيل يخصهم والذي يمكن ان يدفعهم الى ايجاد بديل او اجتهاد ما مقنع وممكن التنفيذ، اي بقوا وسط الطريق في هذه المرحلة منتظرين ما يحدث من الناحية الفكرية الفلسفية الملائمة لما هم يجب ان يعتنقوه ويستوردوه ويبشروا به الموالين والاعضاء والجماهير المحدودة لديهم دون امكانهم هم ان يستنبطوا شيئا او يستشرفوا لما يمكن ان يقعوا فيه مستقبلا .

الانسان المعاصر التكوين من غير المنعزلين لا يمكن اقناعه في هذا العصر بكلام معسل وفارغ جوهرا وغير مقنع عقلا وفلسفة لما نشا عليه منذ طفولته بعد تفاعله مع الحداثة وما فرزه التقدم العلمي المؤثر المباشر على التفكير والعقل الانساني الناشيء في وسطه ومن ثم عليه ايضا . يجب ان لا ننسى ان التعقيد السياسي والتخبط لما يسمون انفسهم الاحزاب العلمانية الكوردستانية اكبر عامل لبقاء جماهيرية الاحزاب والمدعين السلاميين لهذا الحد لهذه المرحلة، وهذا خارج الحسابات الحقيقية للتغييرات الملموسة في الاطور الذهني للفرد الكوردستاني ومعتقداته وايمانه العقلاني بما ترعرع عليه ولاقاه في مجتمعه وبيئته . العامل الاكثر تاثيرا على الحركات والجهات الاسلامية هو بروز الشكوك في صحة ما طرحته مرجعياتهم التاريخية الدينية واقتناعهم بانهم نهلوا من البحرالنقي واكتشفوا بانها الخليط غير الصافي اساسا ويحتاجون للتجديد، ولانهم لا يملكون البديل المناسب لحد الساعة وعليه يتخبطون في مواقعهم دون جدوى الخروج من الفوضى الفكرية العقيدية الفلسفية التي هم فيه، اضافة الى تاثيرات السياسية ومتطلبات بقاء جماهيرتهم الضرورية لمدهم وعملهم التنظيمي . ان التحاق الكثير من هؤلاء بالحركات المتشددة الارهابية ليس الا بحثهم عن البديل المقنع لما وقعوا فيه من التخبط الفكري الفلسفي وما اثرت عليهم الحداثة دون ان يجدوا فيما لديهم من البديل المقنع، فالتمسوا البديل عند داعش وخزعبلاته المختلفة مثلا عسى ولعل يشفوا غليلهم من الفراغ والاغتراب الذي عاشوا فيه . لم يبرز لحد الان من الخطط والارضية الناتجة من قراءة الواقع كما هو لايجاد البديل الفكري الاخلاقي كي يتعامل معه المنتظم الاسلامي الحائر، كما برزمثلا  لدى اليابان من الناحية الاخلاقية، و يعتبر الفراغ الموجود ايوم من هذه الناحية اكبر عائق وسد امام المسيرة الاسلامية ومانع محاصر للمنتمي اليهم ان كان متجددا ولمفكرا نشطا عقليا وبدنيا .

يمكن ان نقول، ينطبق ما قلناه سابقا على ما موجود في المنطقة بشكل شامل وما موجود من هذة التركيبة الاسلامية الفكرية الفلسفية والعددية اي كما وكيفا اسلاميا في المنطقة، ولكن لو تكلمنا لما موجود في كوردستان بشكل خاص؛ فانهم يلاقون اعتراضات اكثر تعقيدا وشدة، نتيجة الاختلافات العرقية والنشاة والتراث المختلف مع ما ورثوه من الاصالة الفكرية وبروز افاق للتحديث فيما كانوا عليه اجدادهم من قبل وما يمكن ان ينقشعوا منه وكان القشرة التي كونتها الغزوات والفتوحات الاسلامية التي غيرت مظاهرها بداية ومن ثم تغير الجوهر بفعل التقادم وبقوة السيف والتضليل، اي ازاحة الخوف من كشف الاصح المكبوت والمغمور سيجعل الفرد الكوردي الاسلامي يتواجه مع امور اضافية لما يواجهه اخوه العربي او من اية قومية اخرى حسب اصالتهم وثراهم التاريخي الفكري الفلسفي وما لديهم من التراث بحسب غناهم وفقرهم الثقافي .

المحصلة النهائية لما نقراه، ان الحداثة التي دخلت عقر دار الاسلامي الكوردي اصبح عاملا وضعه في موضع لا يُحسد عليه اما يستمر فيما هو عليه دون الالتفات الى ما يخدشه ويحثه عليه عقليته وما يلاقيه في مساره اليومي او يخدع نفسه بامور مضللة ليس لها حقيقة كي يستمر دون ان يكون له جراة المواجهة مع الاصح، لذلك تراه يتعلق بالواقع اكثر من الفكر والعقيدة الاصح، وما يدعهم اطول عمرا هو التعقيدات السياسية والصراعات المختلفة على الساحة الكوردستانية والظروف العامة للمنطقة كانت او في كوردستان بشكل خاص، وفي المقابل عدم وجود مدرسة بديلة على الرغم من ورود مؤثرات الحداثة او منتاجته من الغرب ودخوله بشكل مباشر دون ان يعترضه ما موجود اصالة في المنطقة من النواحي كافة .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم