أقلام حرة

لا مباديء في قاموس اردوغان

emad aliاثبت اردوغان للجميع بالامس انه رجل براغماتي قح لا يلتفت الى ما يدعيه ويكرره يوميا بانه يؤمن به من المباديء، وها يتنازل عنها في ساعة الشدة، وهذا ما اكده بعملين سياسيين طالما تشدق بانه يؤمن بعكسهما، وانه قد اتخذ اجراءات ضرورية في حينها للثبات عليهما وليس هناك مجال للتفاوض فيهما، واتخذ موقفا شعبويا خارجا عن العادة واعتقد بانه يستطيع اخفاء ما وقع فيه بتقادم الزمن، الا انه بالامس فقط اثبت بفعله المتناقض مع اقواله السابقة بانه تنازل عما كان ينكر بانه في يوم ما يقدم عليه، وزحف الي اداء فعل عكس ما اعلنه  راكعا مخنوعا. الم نتذكر جميعا الحركة المسرحية التي اقدم عليها امام بيريز في المنتدى الاقتصادي وفرّ وكانه ابو الفلسطينيين وبالاخص حركة حماس ويحميهم من ما ادعاه بشرور اسرائيل . نعم بالامس ومن موقع هزيل دون ان تقدم اسرائيل شيئا يقع على حساب بلدهم وبعيدا عن الاعتذار الذي اصر عليه اردوغان لما اقدمت عليه اسرائيل من قتله لمراسلي تركيا باسم ايصال المساعدات الى الغزة، فاتفق مع اسرائيل وارغم مجبرا على رفع يده من دعم قادة حماس ايضا . وفي الوقت ذاته اعتذر اردوغان ايضا من بوتين لما اقدم عليه في اسقاط الطائرة الروسية وبخط  يده وتراجع عن ما كان يدعيه من حق بلده في الدفاع عن نفسها واليوم خطى عكس ما تبجح به، ووقف ضد حتى ما سار عليه داوداوغلو في حينه الذي كان يصر على تصفير مشاكل بلده مع دول المنطقة، الا ان طموحات اردوغان الشخصية دفعته على الغرور والتكابر دون اساس متين، الى ان وصل الى حال تعتبر فضيحة سياسية وعمل متناقض لما ادعاه وتراجع عنه  بشكل فضيح في الوقت الذي كان  محصورا في زاوية ضيقة .

ان ما اقدم عليه اردوغان لكان طبيعيا لو لم يدعي انه ملتزم بمباديء اسلامية مقدسة او على انه يؤمن بالثوابت في خطواته السياسية، الا انه ما قام به يتناقض كليا مع ما قاله من قبل، وليس هذا الا الخروج من التزام باي مبدا وانسلخ من ما كان يدعيه في وضح النهار وابعد عن نفسه كل ما يمكن ان يدافع انصاره عنه من زاوية عقيدية زائفة . الواضح في الخطوتين السياسيتين البراغماتيتين انه تنازل بشكل واضح ويبين هذا من ان اسرائيل لم تتنازل عن رفع الحصار عن الغزة كما كان اردوغان يريد المزادية به، بل ارغم على التنازل عن دعمه وايوائه  قيادات حماس ايضا، ومن جهة اخرى قدم اعتذارا رسميا بخط يده للسيد بوتين متنازلا عن كرامته وعزة نفسه وكبرياءه التي يطبقها على الشعب التركي في داخل بلاده، ونراه كيف يرسل طائراته ليقتل ابناء الشعب الكوردي في كوردستان الشمالية تنفيذا لغروره .

ان الخطوتين التي اقدم عليهما اردوغان لا تبينان لنا سوى انه ما قام به كان لمصلحته الشخصية فقط وقبل بلده، وبدليل انه كان يمكن ان يفعل ما فعله خلال السنين الستة الماضية مع اسرائيل وان يتنازل وتستفيد بلده منه، الا انه فعله في الوقت الذي انحصر هو بشخصه داخليا وخارجيا في زاوية ضيقة لا منفذ له باحثا عن مخرج في ضيقته، وهذا يدل على مدى نرجسيته وعمله الشخصي من اجل ذاته حتى قبل بلده وشعبه . ولا نتعجب ان اقدم على تحسين علاقاته الدبلوماسية مع بشار الاسد غدا وهذا متوقع من خلال ما تقدم عليه الجزائر في الوساطة بينهماو كما يمكن ان يتنازل في قبرص وايران والعراق وارمينيا كذلك  .

ان الاعوام الاربعة المقبلة في حياة اردوغان ستبين اكثر نياته وطموحاته الشخصية  للشعب التركي قبل غيره، وانه يريد تثبيت اركان سلطنته العثمانية الجديدة من خلال تصفية مشاكله الخارجية بعدما عجز عن مواجهة الكثيرين، واول توجهاته هو اعادة النظر في خطواته ويقدم على تصفير مشاكله الشرقية والغربية بعدما تاكد بانه لا يستطيع ان يتقدم وهو منغمس في كل تلك العلاقات المتوترة مع اكثر البلدان تاثيرا على المنطقة . واخيرا سجد لغير الله وخنع وتنازل بشكل فضيح سياسيا من اجل ذاته، فلا نتعجب ان تنازل داخليا لو انحصر بالقوة التي انحصر فيها خارجيا او من اجل الخروج من الازمة التي وقع فيها وبتكتيك يفيده شخصيا، ولكنه ارتد على بعض من ما افاده من قبل وامتطى على ظهر العنصرية والعرقية بدلا من اسلاميته من اجل كسب الاصوات التي افادته في خطواته لتحقيق اهدافه الشخصية الضيقة . وبينما كشف عن براغماتيه السياسية بعيدا عن اي مبدا، يمكن ان ننتظر منه اية خطوة في اية مرحلة لو وقع في زاوية حصرته، وعلى القوى الداخلية والكورد في مقدمتهم العمل على هذه الطريق .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم