أقلام حرة

التأني والتردد في القرار المصيري افضل من اتخاذ الخطوة الخاطئة

emad aliبقاء الارادة الحرة العامة مرتبط باهداف الشعب ونظرته الى الحياة ونواياه وما يؤمن به هو الضامن الاول لنجاحه، ولا يمكن فرض اي توجه ضيق الافق لا يعني المواطن على الشعب باي حيلة او تضليل كان، الا ونرى يتراجع عنه تلقائيا بعد كشف مبرراته المزيفة التي يروجها المسوقين في مرحلة تمهيد الارضية لتحقيق الهدف لاسباب بعيدة عن الهدف .

اهم العوامل الاساسية لتحقيق اي هدف عام وليس القرار المصيري فقط، هو الارادة وكيفية التفاعل مع الموضوع والدفاع عنه ودعمه والعمل من اجل تحقيقه ليس لفظيا فقط وانما عمليا على الارض، ويتم ذلك ببناء اركان ما يهدف انشاءه او تاسيسه او تطبيقه ويهم الشعب بشكل عام وهو مقتنع به تماما .

ان كان هذه القاعدة العامة لاقرار اي هدف هام وفي اطار صحي لا غبار عليه، او غير معرّض للتدخلات غير المرحبة بها شعبيا، فما بالك ان كانت ارضيتك مكشوفة ومعرضة لاي تدخل من قبل اي كان بسهولة، وانت محاط بمجموعة من الاعداء المتربصين من كل حدب وصوب، ولم تضمن مسندا او داعما قويا لحد هذه الساعة، ولم نجد احدا يعلن بصراحة انه يحميك في وقت الشدة .

نحن اعلم بوضع كوردستان وما يجري فيها وماهي عليه، ويخرج السيد مسعود البارزاني بين فينة واخرى وهو يعلن عن رايه في توفر الوقت الملائم لتحقيق الهدف المصيري  وحق تقرير المصير وهو الاستقلال دون ان يبين لنا العوامل الاساسية المتوفرة لتحقيق ذلك الهدف بشرط يؤكد لنا  ولو تجاوز الخطوة الاولى دون ان تشوبها الفوضى او التراجع عما وصلنا اليه خلال هذين العقدين على الاقل .

بالتأني والتعمق المراد لمثل تحقيق هذه الاهداف يمكن ان يُزاح التردد والقلق من جهة ويوضَح مسار الطريق وما يمكن ان يتمخض عن اتخاذ الاجراءات المطلوبة في تحقيق هذا الهدف الصعب، والذي يحتاج لدراسة متانية وعقلانية بعيدة عن اي دوافع خاصة سواء كانت شخصية او حزبية وخالية من اية مزايدة نابعة من الصراعات المختلفة الجارية في كوردستان .

هل تهيات الفرصة وتوفرت العوامل المطلوبة؟ هل اتخذت كل الاجراءات المادية والعنوية لماقبل الخطوة وما بعدها ؟ هل  رسخت الارضية المطلوبة وابتعدت الاحتمالات السلبية عنها ودرست بشكل محايد ؟ هل توحدت الارادة الكوردستانية حول هذا الهدف في هذا الوقت؟ هل الوضع الداخلي محكم والجهات متكاتفة ومتعاونة وبعيدة عن الخلافات التي تضرب تحقيق الهدف من اساسه ؟

من يقيّم الوضع الكوردستاني الحالي لا يمكن ان يجيب عن تلك الاسئلة بشكل ايجابي، لان الخلافات على حدتها بل في قمتها ، الاسس المهمة المطلوبة لتحقيق مثل تلك الاهداف المصيرية الصعبة غير متوفرة، الوضع الاقتصاديو السياسي العام لا يمكنها ان تتحمل اية خطوة معرقلة خارجيا للهدف، ولم يتم الاكتفاء الذاتي ولو بنسبة قليلة جدا كي يمكن الشعب من مقاومة الافرزات الخطرة مابعد الاجراءات العملية، التوافق العام بين الجهات في اسفل المنحنى، لا بل يمكن ان تؤدي الخطوة للانقسامات الخطرة على العكس من الهدف ذاته .

ان كانت كوردستان الجنوبية على ما نحن فيه، وهي تحتاج لاصلاحات جذرية متعددة الاوجه لتصبح طبيعية ويمكن اقرار ما وراءه ارادة، لم يحدث مثل هذا لحد اليوم، ان كان الاقتصاد ومعيشة الناس في الحضيض، ان كان التوافق والتلائم والانسجام في قاعه، والشعب في مرحلة اكثر استياءا من اية وقت مضى، فهل يمكن ان ننتظر نجاح الخطوة المصيرية التي ينتظرها الشعب بفارغ الصبر وضحى من اجله الغالي والنفيس خلال ثوراته المتتالية  .

يمكن ان نقول، ان لم يُحسب للوقت ومقتضياته، فاننا  نضيّع فرصة مؤآتية رابحة في هذا الوقت الذي تتوفر لدينا الظروف الموضوعية لتحقيق الهدف المنشود، الا ان الظروف الذاتية التي تمنع الخطوة وتعرقلها هي الاهم في تحقيق مثل هذه الاهداف، وعليه يجب التاني في التوجه اليها وان فوتت الفرصة بعمل ضامن اكثر تامينا منها، اي تفويت الفرصة التي لا يمكن ضمان نتيجة الخطوة المتخذة فيها هو الافضل من الاسوا الناتج من اتخاذ تلك الخطوة اعتباطيا او معتمدا على جانب متوفر من الظروف الموضوعية، وبهذه الحسابات يمكن ان نقول اننا نجد مسوغا سويا لعدم اتخاذ هذه الخطوة التاريخية في هذا الوقت والتردد والتاني افضل من الناتج السلبي المؤدي الى النكسة التي تكون مخيبة للامال ومهدمة للفرد الكوردستاني، على عكس مما حدث من قبل من النكسات التي ادت الى انهيار الثورة والقيادة وبقيت ارادة الشعب على حالها دون ان تتزعزع .

 

عماد علي

         

في المثقف اليوم