أقلام حرة

قيم الكورد لا تسمح باهانة الذليل

emad aliكما يقول الشاعر يحيا العزيز بعزته شامخ الراس  والا الذليل يموت في عز ذله ، ومن عاش شاف في دنيته كل الاجناس . القيم الثابتة التي تثبت في كيان الفرد لا تاتي بين لحظة واخرى بقدر ما ياخذها من  منابع عدة . وهكذا للمجتمع المتوارث للتاريخ السياسي الاجتماعي ياخذ منه قيما من الصعب التكهن بمدياتها او مدة صلاحياتها لانها، لا يمكن تحديد زمن انطلاقها او بقائها لانها ليست بحالة مادية .

القيم التي يتميز بها الشعب الكوردي في كوردستان، كثيرة ومختلفة وليس عليها غبار من جانب ايجابياتها تجاه الاخرين من خارج المكون ذاته . ومن اهمها وما نريد ان نوضح مدى ما يستحقه هذا الشعب دون تعصب او تحيز له؛ هو احترام الغريب والتعاطف مع الاخر وعدم الضرب تحت الحزام وما يتصف من  البسالة او الشجاعة وجها لوجه امام اشرس عدو، ولازال مستمرا فيه كما يثبته لنا التاريخ الحديث ايضا .

بداية الانتفاضة في اذار عام1991 كان الشعب الكوردستاني في وضع مزري اقتصاديا، وكان يبحث عن لقمة عيش ويحصل عليها بصعوبة ، الا انه لم يقصر مع الجنود الاسرى او الذين سلموا انفسهم للشعب وخدموا واستضيفوا وتم ردهم من  قبل البيشمركَة بعد اداء مستوجبات الضيافة الى اهلهم سالمين، ولم يتصرفوا بعمل مشين من موقع القوة ولم يثاروا لشهدائهم وهم اكثر شعب موتورين ولم يبطنوا حقدا بل لم يعمل الانتقام فعلته في كيانهم شيئا ما يُذكر .

هناك من الشعوب الشرسة، هنا اقول الشعوب وليس الحكومات كما معلوم عنهم بانهم جميعا كانوا بالقباحة ذاتها، تعاملت هذه الشعوب مع الكورد في حال ضعفه بابشع الافعال، ولتاريخهم المليء بصفات المزرية وليس قيما يكون لها تاثير مباشر على تعاملهم مع الاخر في وقت الضعف والذلالة وعلى العكس من الكورد وما يملكون من الترحم وعزة النفس . ولا اريد هنا ان انكر لكل قاعدة شواذ، وانما اتكلم بشكل عام .

الشعوب الرئيسية الموجودة في المنطقة فيها من القوميات الرئيسية التي لها صلة وتعايش مع البعض وهم الفرس والترك والعرب والكورد بشكل عام . وبعيدا عن الانحياز اننا يمكن ان نرتب هذه القوميات وفق القيم الفاضلة والفاسقة والرذيلة .

اننا يجب ان نعترف بان للتقدم المتنوع الحاصل في مسالك الحياة والتغيير الحاصل في جوهرها، تاثير مباشر على الانسان وقيمه، وما وصلت اليه منطقتنا له تاثير مباشر على السمات والقيم بشكل مباشر على الرغم من تخلفها لحد اليوم مقارنة بالمناطق الاخرى، لانها تلتزم بما توارثته اكثر من اية منطقة اخرى في العالم، نتيجة الالتزامات الدينية المسيطرة على الحياة والتقاليد والعادات الموجودة، وعليه فان الثار والتعدي في وقت الضعف واستغلال الاخر لازال ساريا وتوارثته القوميات من الدين المسيطر الا وهو الاسلام الذي اخذ معظم القيم من الجزيرة العربية القاحلة وكا كانت مسيطرة عليها. ولا يمكن انكار من اتى حديثا وسيطر وجاء بالجمل بما حمل من منطقته الاصلية سواء الشرق الاقصى كان ام جنوبا .

اليوم نرى الكورد يعيد تاريخه في كل من كوردستان الجنوبية والغربية، ونراه كيف يتعامل مع الاخر المذلول بقيمه الاصيلة كما فعل من قبل وعلى العكس من ذلك نرى الاخر المسيطر صاحب الدولة كيف يؤكد بانه لا يملك من تلك القيم الا نذرا يسيرا . سلوك الجيش التركي وتعامله مع الشعب الكوردي في كوردستان الشمالية تؤكد ما نقوله، ولا يمكن ان تخرج تلك الممارسات عن ما يتمتع به الجندي من ما هو ناشيء عليه في اسرته وبيئته اضافة الى اخلاقيات المؤسسة التي تربى فيها .

و عليه يجب ان نؤكد هنا بان من يمتلك كل هذه القيم الحسنة وهو يناى تحت وطئة وغدر المحتل المعتدي سيثبت جدارته في تحقيق اهدافه مهما كانت، اليوم كان ام غدا، والحياة لا تسير الا لخدمة الانسانية وهي التي زرعت في الكيان الكوردي البشري على الرغم من كل معاناته .  الا انه داخليا ومع نفسه لا يمكن ان نحس بنفس تلك الدرجة من القيم، وهذا عين التناقض الموجود فيه، فلقي الفرد الكوردي من ابن جلدته من الويلات ايضا، وحتى عندما كان احد الطرفين ذليلا وفي موقع الضعف والهوان، على العكس من تعامل الكورد مع الاخر وهو في تلك الحالة  .

ما ذكرني بهذه القيم هو تعامل الجيش التركي مع الشهداء والجثث التي تقع تحت ايديهم وهم يمارسون ما ليس فيه ذرة من القيم والاخلاق التي يدعونها في العلن .

 لم يبق الا الفضل ولا يصح الا الصحيح مهما امتلك الخاطيء من القوة كما نرى في كوردستان الشمالية من الحالات المشينة على ايدي الجيش التركي ما يثبت همجيته التي لا تدل الا الى ما تمتلك اصحاب تلك الافعال من الرذائل والفسق والخساسة والحقارة والدنائة والسفالة والفجور والانحطاط والوضاعة، كل تلك السمات عكس ما يمتلكه الكورد من قيم عالية الا وهي الفاضلة الباهرة الباهية المشرقة السامية  الشريفة المزروعة في كيانه . تراه وجها لوجه امام شراستهم وما يمتلكون من القوة كدولة عضوة في الناتو ويترحمون بهم عندما يقعوا في الاسر او في وقت الذلالة . هذه هي الفروقات الواضحة في القيم الراسخة في كيان كل طرف منهم.

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم