أقلام حرة

تلفزة مقلقة وبرامج مستفزة !!

hamid taoulostفي الوقت الذي تحولت فيه الدراما التلفزيونية في الكثير من البلدان العربية خلال شهر رمضان الكريم إلى مهرجان سنوي للتنافس على بث أجود الانتاجات عبر الفضائيات، وعلى رأسها جميعها بلاد الفن مصر، التي شهدت هذا العام –رغم ما تعرفه من ظروف الارهاب - صحوة إبداعية في الكثير من المسلسلات الرمضانية، والعديد من الأفلام السينمائية التي اقتربت من الشارع المصري، ورصدت أنماط حياة المصريين ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، من خلال قصص وحبكات قوية وجادة ومسؤولة، في قوالب كوميدية تجارية، عكف صناع السينما المصرية على وضع لمساتها الأخيرة لعرضها في موسم عيد الفطر السينمائي المرتقب في مصر، والذي يبحث خلاله الجمهور عن أفلام خفيفة كوميدية، والتي يأتي على رأسها  فيلم “جحيم في الهند” للفنان الشاب محمد عادل إمام، وفيلم “من 30 سنة” من إخراج عمرو عرفة، وفيلم “عصمت أبو شنب” للفنانة ياسمين عبدالعزيز، وفيلم “عسل أبيض” للشاب سامح حسين، وفيلم “سطو مثلث” للمنتج محمد السبكي، وغيرها من الأفلام التي يتم تصويرها تمهيدا لعرضها بعد عيد الفطر أو في موسم عيد الأضحى المقبل،  

في ذاك الخضم الفني الزاخر، نجد أن الدراما المغربية الراهنة بقيت ولازالت تعاني من مشاكل وعوائق مزمنة تحدّ من تفاعل المشاهد المغربي مع قنواته العمومية -التي يمونها من جيبه المثقوب- كما تعود قبل سنوات ماضية ؛ المشاكل والعوائق التي لم يعد خاف على أحد أسبابها الحقيقية، والتي يرجعها المسؤولون عن التلفزة -والمستفيدون منها في شكلها الحالي -بالأساس إلى إنتشار الثورة التكنولوجية التي غزت العالم وإلى تأثيراتها الفعال في جعل المشاهد يزهد في تلفزات بلاده، وينساق خلف سحرها الذي لا يقاوم، بينما حقيق أسباب ذلك التضهور في العلاقة بين المواطن المغربي وتلفزته الوطنية، يعود بالأساس إلى ما تعانيه تلك التلفزات من كساح واضحة وما تتخبط فيه من عوج بين، الذي انعكس تأثيره على ما تقدمه من برامج، جفعت بالمشاهد المغربي الى تغيير طريقة تقبله ومتابعة لها، حيث لم يعد ذلك الرومانسي الذي كان يذوب في كل ما يلقى إليه من بشاعة، ولم تعد تأخذ بلبابه حبكاتها "البايخة" ومشاهدها وأحداثها السخيفة، التي تفوق في كثير منها كل توقعات القبح والوقاحة، و تتعدى كل صور السخافة والدونية، وسواء شئنا أم أبينا، فثمة وعي جمعي عم المجتمع المغربي مع الثورات العربية، فإكتشف المستور وأطل على الخبايا، واكتسب جنكة على الفصل بين جيد الأعمال الفنية وأسوئها، وبات أكثر قدرة على تتبع عناصرها، وتفصيل خيوطها خطوة خطوة، والتعليق على إخراجها وتقنيات تصويرها، وفضح نقاط ضعفها، أكثر من الإلتهاء بأداء الممثلين  الذين سقطت أقنعة أكثريتهم، وفقدوا نجوميتهم على الشاشة وانهارت هالاتهم، وصار المواطن يطالبهم بالجودة الحقيقية، ويحاكم كل أعمالهم التي لا تقترب منها، ويعلن سقوطها،  حبكة وموضوعا وإخراجا وإضاءة وأداء وتمثيلا .. الأمر الذي لاشك يبشّر بالخير فعلا

 

حميد طولست

 

في المثقف اليوم